RSS

Daily Archives: March 7, 2011

دمويَّة القذافي تفضح النفاق الغربي

يتظاهرُ العالم الغربي اليوم بالصدمة حيال المذابح التي يرتكبها القذافي بحق الشعب الليبي، والتي راح ضحيتها حتى الآن مئات القتلى وآلاف الجرحى والمفقودين، واستُخدِمت فيها جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، ومُنِعت خلالها المستشفيات من علاج المصابين.. فهل عرف العالم الغربي فجأةً الوجه الحقيقي للقذافي، بعد فوات الأوان؟!

إذًا من سهّل إحكام قبضة الديكتاتور على البلاد، ودعم أنشطته الإرهابية التخريبيَّة، وتستَّر على فساده، ودعم قواته بالسلاح، طيلة أربعين عامًا؟ ومن رشحه للعب أدوار رئيسيَّة في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية، وفرش تحت قدميه البساط الأحمر، وأوقفه مكرمًا بجوار قادة أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا واليابان وألمانيا والصين وروسيا في قمة الدول الثماني قبل عامين فقط؟

وكيف انتُخِب القذافي لرئاسة لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عام 2003، رغم رعايته لحركات التمرُّد والأنشطة الإرهابيَّة في غرب إفريقيا، خصوصًا في سيراليون وليبيريا، وتبنِّيه أجندة قمعيَّة داخل بلاده، واشتهاره بسجل سيئ في مجال حقوق الإنسان؟

ومن أعطى الفرصة لحسونة الشوا، المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبيَّة، كي يتفاخر بأن هذا المنصب الأممي يمثل اعترافًا تاريخيًّا من قِبل العالم بسجل ليبيا الناصع في مجال حقوق الإنسان؟

بل ما هي مؤهلات القذافي حتى يصبح محلّ ترحيب غربي؟ وما الذي يُغرى الاتحاد الأوروبي بتصدير السلاح لليبيا حتى وقتٍ قريب؟

إنها لعبة المصالح، التي أدركها القذافي ووافق على قواعدها، ودفع الثمن كاملا، بدءًا من تخلِّيه عن البرنامج النووي، والكشف عن معلومات حول البرنامج النووي الباكستاني السري تحت إشراف العالم عبد القدير خان، مرورًا بتدشين قنوات اتصال سريَّة مع الإسرائيليين، وصولا إلى فتح كافة الأبواب الليبيَّة على مصراعيها أمام الاستثمارات الغربيَّة.

لكن حينما يسقط قناع الحليف القديم أمام العالم، ويبدو وجهه الدموي، ويسخر الجميع من عقليته الخرقاء، فيصبح ورقةً محروقة، ثم يتسبب في توقف إمدادات النفط، وارتفاع ثمنه، لا بد للغرب أن يراجع موقفه، ويبحث عن مصالحه، ولا بأس من أن يلوّح بتدخل عسكري، أو على الأقل حظر جوي.

ولا بأس من تحولٍ سريع في مواقف الساسة والمعلّقين والمحللين الغربيين حيال القذافي، لتكتمل الخدعة، وبعد أن كانوا يومًا يتفاخرون بعلاقاتهم القوية به، هاهم اليوم يطالبون برحيله فورًا، ليصبح من كان بالأمس حليفًا قويًّا في “الحرب على الإرهاب”، مجرمًا تطالب المحكمة الدوليَّة برأسه.

والواقع أنهم جميعًا يستحقون المحاكمة، والفارق الوحيد بين طاغية ليبيا ورؤساء الدول الغربيَّة، ومنافقيها، أن الأول مجنونٌ وأحمق، أما الآخرون فيعرفون كيف يديرون أمورهم بدبلوماسيَّة، لذلك لا تزال وسائل الإعلام تعاملهم باحترام، رغم تورُّطهم في مذابح أبشع بكثير في العراق وأفغانستان وباكستان وفلسطين، ومن غير المتوقع أن نرى الإعلام الغربي يتحدث عن باراك أوباما، وديفيد كاميرون، ونيكولا ساكوزي باعتبارهم “مجرمي حرب”، رغم أنهم لا يختلفون كثيرًا عن القذافي وإخوانه.

تعددت الأقنعة، والوجوه الكالحة واحدة..

الإسلام اليوم 6/3/2011م