(4) الاتحاد الطلابي الوطني الحر في الجزائر – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من الجزائر
بمناسبة انعقاد المؤتمر الحادي عشر للاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية في الجزائر تحت رعاية الدولة الجزائرية دعا الاتحاد الطلابي الوطني الحر في الجزائر إلى ملتقى عام تم عقده في فندق الشيراتون.. حضره مندوب الرئيس الجزائري الأستاذ عبد العزيز بلخادم وزير الدولة وممثل الرئيس الجزائري.
تحدث في الملتقى السيد أبو جره سلطاني وزير الدولة ورئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية عن الظروف التي عاشتها الجزائر في الفترة السابقة، وعن الفتنة المسلحة التي تصاعدت في البلد بعد تدخل الجيش واعتقال قادة جبهة الإنقاذ، وكيف تحولت الأجواء إلى حرب أهلية يقتل فيها الأخ أخاه، في هذه الظروف كان هناك تيار حركة مجتمع السلم الذي كان يقوده الشيخ محفوظ النحناح وإخوانه محمد بوسليماني وغيرهما.. رأوا بعد تدارس الأوضاع أن يسلكوا مسلك الحوار بدل القتال.. وسلوك المشاركة بدل المغالبة.. والحفاظ على الكيان الجزائري ودولة الجزائر.. قبل أن ينهار كل شيء.
ولم يكن مثل هذا السلوك سهلاً.. فقد وجدوا العنت من إخوانهم الذين يستسهلون القتل وهم يرفعون راية الإسلام.
وخسروا في هذه الدوامة الأخ بوسليماني الذي وجد على قارعة الطريق مذبوحاً.. كان الخاطفون يطلبون منه فتوى تبيح القتل، فأبى.. فقتلوه رحمه الله.
ويؤكد الإخوة المسؤولون أن الحركة مازالت تسير على خطوات القادة المؤسسين.. يتابعون الحوار مع الجميع.. وهذا في رايهم الذي أوصل السفينة إلى شاطئ الأمان رغم كل العواصف والأنواء والاتهامات والاعتداءات.
وبعد كلمة الأخ أبو جره.. تحدث الأستاذ عبد العزيز بلخادم وهو مسؤول كبير في حزب جبهة التحرير الجزائرية.
تحدث عن ثورة الجزائر.. ثورة المليون ونصف المليون شهيد.. وعن الاستعمار الفرنسي الذي يتحدثون اليوم في فرنسا عن فضائله.. ولم نر منه -نحن الجزائريون- إلا التنكيل والتعذيب والقتل وتدمير البيوت ومصادرة الممتلكات.
وبعد كفاح مرير عادت الجزائر تبحث عن هويتها (العروبة والإسلام).. والكل يستذكر أنشودة الإمام ابن باديس:
شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب..
أعدنا ترميم المساجد.. وصدحت المآذن.. وعرّبنا البلاد.. وانطلق الإسلام يعيد إصلاح ما أفسدوه.
وبعد حديث عبد العزيز بلخادم.. كان مطلوب مني أن أتحدث، وكان علي أن أشير لكل الأمور التي جرى الحديث حولها:
تحدثت عن السلم، وأنه هو القاعدة الدائمة، وأن الحرب هو الاستثناء، وأن التعاليم التي نزلت توجه نفوس المؤمنين في مكة.. رغم الظلم الذي عانوه، والإرهاب الذي مارسه المشركون، والتعذيب الرهيب الذي أوقعه الطغاة على الفئة المسلمة، هو قوله تعالى:(كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة).
وقوله تعالى: (وجاهدهم به).
أي جاهدهم بالقرآن والدعوة.. وقابلوا الظلم بكف الأيدي وإقامة الصلاة.
وأنه لا مكان في الإسلام لهذه الحروب التي تثيرها العنصرية، أو العصبية الدينية، او التي تثيرها المطامع والمنافع، أو حب الأمجاد الزائفة.. قالوا يا رسول الله: (الرجل يقاتل للمغنم، ويقاتل للذكر، ويقاتل ليُرى مكانه، أيهم في سبيل الله؟ قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).
ولا سلام لعالم.. ضمير الفرد فيه لا يستمتع بالسلام.. فأي سلام يطالبون به في فلسطين إذا لم يكن الفلسطيني سالماً في أرضه.. آمنا في سربه..
وعليه فلابد أن يقترن السلام بالعدل.. وإلا لتحول السلام إلى سلام الأموات!!
كيف نسالم فرنسا.. وهي تحتل الجزائر..؟
أو نسالم أمريكا.. وهي تحتل العراق..؟
والفرد الذي لا يجد في بيته السلام.. فلن يجده في مكان آخر (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها)..
وبعد سلام البيت.. يأتي سلام المجتمع.. بإشاعة الحب.. والآداب الاجتماعية بين أفراده.
ولا يتحقق السلام في العالم كله.. إلا بمثل هذه التعاليم القائمة على السلم والعدل..
ثم طلبت من سعادة الأخ عبد العزيز بلخادم:
أن يحافظوا على الهوية التي تحررت على أساسها الجزائر وهي العروبة والإسلام.. وأن المراقب الذي يزور الجزائر اليوم.. يجد أكثر الأحاديث بالفرنسية.. وأكثر المحاضرات كذلك.. ومعظم الكتب المدرسية بهذه اللغة.
وأن تعيد الحكومة النظر في قضية العفو.. السلطان عبد الحميد كتب في مذكراته: أن السلطان معناه العفو.. فإذا حصلت فتن ومجازر في أوقات سابقة.. ولا يستطيع أحد أن يزعم أنها كانت من طرف واحد.. فلماذا لا تبادر السلطة إلى العفو.. والعفو معناه العدل.. وإعطاء كل ذي حق حقه.
نحن نقرأ هذه الأيام أن التنصير على أشده في منطقة القبائل.. أي في منطقة الأمازيغ.. هؤلاء الذين ثبّتوا الإسلام في شمال أفريقيا.. وهم هم الذين فتحوا الأندلس.. وهم من أنجبوا عبد الحميد بن باديس.
ماذا دهى الجزائر..؟
وأنا أطالب من الجزائريين والسلطة أن يعلنوها زحفاً أخوياً إلى منطقة القبائل.. نعيد إليهم العدل.. ونعيدهم للدين الذي خرجوا منه..
وأخيراً.. أين فلسطين اليوم من سلّم اهتمامات الجزائر.. لا أسأل عن الشعب.. بل أسأل عن السلطة؟
هل بدأنا نفكر كيف نصافح الإسرائيليين؟!
وأخيراً نتمنى للجزائر ولقادة الجزائر ولشعب الجزائر كل تقدم ونماء في ظل الإسلام.
والحمد لله رب العالمين.
الجزائر 13/3/2006م