صلاح الدين البيطار – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من سوريا
انتهت حياة صلاح الدين البيطار في باريس على يد قاتل أطلق عليه رصاصة واحدة من مسدس كاتم للصوت، وقد تمكن الجاني من الهرب وسجلت القضية ضد مجهول.
صلاح الدين البيطار
هذه خلاصة الخبر الذي أوردته وكالات الأنباء يوم 21 يوليو عام 1980م.
ولا نكتب عن صلاح الدين البيطار لنرثيه – وإن كان الأصل أن نذكر محاسن الموتى- ولكننا نكتب عنه حتى نتذكر ونعتبر والموت أعظم عبرة.
فصلاح البيطار هو – ولا شك- من صناع بعض الأنظمة التي تحكم اليوم باسم حزب البعث العربي، وهو مع زميله ميشيل عفلق اللذان أسسا هذا الحزب ونظّرا له وخاضا باسمه كل غمرات الانقلابات التي انتهت بحكم البعث لسوريا عام 1963م.
وصلاح البيطار هو الذي قاد مع حزبه حكم المخابرات التي أذاقت الناس في سوريا كؤوسا مرة، وقد انتهت هذه المرحلة بالوحدة.. وصلاح الدين البيطار قبل الوحدة وبعدها تسلم أهم المناصب، وشارك في صناعة الأحداث.. وكل النكبات والنكسات التي أصابت ضمير الأمة وحطمت الفرد العربي السوري.. يتحمل صلاح البيطار ورفاقه قسطا أساسيا من مسؤوليتها.
وصلاح البيطار هو الذي اشاع الفكر الاشتراكي وأعطاه أبعاده الماركسية.. وما يزال الكثيرون يذكرون مقاله الشهير في جريدة البعث عام 1963م – ويومها كان رئيسا للوزراء- فقد قال: الاشتراكية العلمية هي دليلنا للعمل الثوري.
وبطبيعة الحال، وبمنطق الثورات، التي تأكل صنّاعها كما تأكل القطة أبناءها.. فقد أزاح الباطنيون الذين ركبوا موجات جميع الأحزاب العلمانية ليصلوا إلى غايتهم المحددة وهي إقامة دولة طائفية تحكم سوريا أو تنفصل عنها..
وقبع الثائر المؤسس في مناطق متعددة من لبنان أو السعودية أو بغداد أو باريس، ولم يصل صلاح البيطار وحده إلى هذا المصير، فالقافلة طويلة.. وكللما جاءت أمة أذلت أختها.
والذي يهمنا قوله في هذه الكلمة عن صلاح البيطار أن الرجل ما أن بدأ ضميره يستيقظ وبدا يكتب في جريدته الإحياء العربي مطالبا بعودة الديمقراطية والأحزاب السياسية والبعد عن الهيمنة الطائفية المتعصبة. ما إن فعل ذلك حتى أسقطته رصاصات صامتة من مسدس كاتم للصوت.
وأخيرا:
فقد ذهب صلاح الدين البيطار إلى ربه.. وهو الذي سيحاسبه، ولكن الأمة مازالت تعاني مما صنعت يداه.. فهل يدرك أمثاله هذا المصير فيعودوا لدينهم وضمائرهم قبل فوات الأوان؟!