RSS

Category Archives: خواطر حول العالم

صلاح الدين البيطار

صلاح الدين البيطار – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من سوريا

انتهت حياة صلاح الدين البيطار في باريس على يد قاتل أطلق عليه رصاصة واحدة من مسدس كاتم للصوت، وقد تمكن الجاني من الهرب وسجلت القضية ضد مجهول.

صلاح الدين البيطار

هذه خلاصة الخبر الذي أوردته وكالات الأنباء يوم 21 يوليو عام 1980م.

ولا نكتب عن صلاح الدين البيطار لنرثيه – وإن كان الأصل أن نذكر محاسن الموتى- ولكننا نكتب عنه حتى نتذكر ونعتبر والموت أعظم عبرة.

فصلاح البيطار هو – ولا شك- من صناع بعض الأنظمة التي تحكم اليوم باسم حزب البعث العربي، وهو مع زميله ميشيل عفلق اللذان أسسا هذا الحزب ونظّرا له وخاضا باسمه كل غمرات الانقلابات التي انتهت بحكم البعث لسوريا عام 1963م.

وصلاح البيطار هو الذي قاد مع حزبه حكم المخابرات التي أذاقت الناس في سوريا كؤوسا مرة، وقد انتهت هذه المرحلة بالوحدة.. وصلاح الدين البيطار قبل الوحدة وبعدها تسلم أهم المناصب، وشارك في صناعة الأحداث.. وكل النكبات والنكسات التي أصابت ضمير الأمة وحطمت الفرد العربي السوري.. يتحمل صلاح البيطار ورفاقه قسطا أساسيا من مسؤوليتها.

وصلاح البيطار هو الذي اشاع الفكر الاشتراكي وأعطاه أبعاده الماركسية.. وما يزال الكثيرون يذكرون مقاله الشهير في جريدة البعث عام 1963م – ويومها كان رئيسا للوزراء- فقد قال: الاشتراكية العلمية هي دليلنا للعمل الثوري.

وبطبيعة الحال، وبمنطق الثورات، التي تأكل صنّاعها كما تأكل القطة أبناءها.. فقد أزاح الباطنيون الذين ركبوا موجات جميع الأحزاب العلمانية ليصلوا إلى غايتهم المحددة وهي إقامة دولة طائفية تحكم سوريا أو تنفصل عنها..

وقبع الثائر المؤسس في مناطق متعددة من لبنان أو السعودية أو بغداد أو باريس، ولم يصل صلاح البيطار وحده إلى هذا المصير، فالقافلة طويلة.. وكللما جاءت أمة أذلت أختها.

والذي يهمنا قوله في هذه الكلمة عن صلاح البيطار أن الرجل ما أن بدأ ضميره يستيقظ وبدا يكتب في جريدته الإحياء العربي مطالبا بعودة الديمقراطية والأحزاب السياسية والبعد عن الهيمنة الطائفية المتعصبة. ما إن فعل ذلك حتى أسقطته رصاصات صامتة من مسدس كاتم للصوت.

وأخيرا:

فقد ذهب صلاح الدين البيطار إلى ربه.. وهو الذي سيحاسبه، ولكن الأمة مازالت تعاني مما صنعت يداه.. فهل يدرك أمثاله هذا المصير فيعودوا لدينهم وضمائرهم قبل فوات الأوان؟!

 
Leave a comment

Posted by on October 20, 2013 in خواطر حول العالم

 

من يبني منبر نور الدين زنكي؟

من يبني منبر نور الدين زنكي؟ – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من فلسطين

في سنة 1099م احتل الصليبيون بيت المقدس بعد حصار دام، والمسلمون بداخل القدس محاصرون.. ومع دخول الصليبيين للقدس بدأ القتل لمدة أسبوع، وبلغ مجموع من قتل أو ذبح من المسلمين ما يزيد على سبعين ألف شخص بين صغير وكبير وبين امرأة وطفل وشيخ.

وكان الفاطميون الذين كانوا يحكمون القدس يخافون من الصليبيين خوفاً شديداً، ولا يستطيعون الوقوف أمامهم أو مقاتلتهم، في حين كان الخلاف قد دب بين السلاطين المسلمين في بلاد الشام، فسيطر الصليبيون على القدس، ثم استولوا على السواحل في أيام الخليفة المستعلي بالله الفاطمي.

وفي سنة 1171م استولى الصليبيون على بلبيس في مصر واقتربوا من القاهرة وحاصروها، وكان وزير الخليفة الفاطمي وأمير الجيوش شاور يتصل سراً بالصليبيين ويفاوضهم على أن يرحلوا عن القاهرة وأعطاهم الأموال والأراضي وأنزلهم في دور القاهرة وبنى لهم أسواقاً خاصة بهم.

وأرسل العاضد خليفة مصر الفاطمي آنذاك إلى السلطان نور الدين الشهيد سلطان دمشق وطلب منه النجدة، وقال له: هذه شعور نسائي يستغثن بك لتنقذهن من الصليبيين.

بادر القائد نور الدين الشهيد إلى النجدة فأرسل أسد الدين شيركوه ومعه صلاح الدين الأيوبي على رأس جيش إلى مصر، ودارت هناك معارك طاحنة أدت إلى انسحاب الصليبيين من مصر.. فتحرك الخائن شاور الذي لم يسعده ذهاب أسياده وانتصار المسلمين، فدبر خطة للإيقاع بشيركوه وصلاح الدين.. ولما رأى جنود الإسلام ذلك من شاور عزموا على قتله فوثب عليه صلاح الدين ومن معه فقتلوه وأرسلوا به إلى الخليفة العاضد.

وفي سنة 1168م تولى اسد الدين شيركوه وزارة مصر بعد قتل الخائن شاور صديق الصليبيين، ولكنه ما لبث أن توفي فتولى الوزارة بعده القائد صلاح الدين الأيوبي الذي قام بتوحيد الجيوش في مصر وبلاد الشام وبدأ الاستعداد لمواجهة فاصلة مع الصليبيين.

وفي سنة 1170م خرج صلاح الدين واجتاز سيناء وحرر غزة، ثم عاد وحرر العقبة والبحر الأحمر، وأرسل أخاه لتطهير اليمن من أصحاب الفتنة الانفصاليين، وكذلك فعل في صعيد مصر.. ووحد بذلك بلاد الشام مع اليمن والعراق ومصر والسودان وليبيا والحجاز.. وعاد اسم صلاح الدين عندما يذكر تلهج له الألسنة بالدعاء والتوفيق والنصر في كل مكان من بلاد المسلمين.

أخذ صلاح الدين بعد تحقيق الوحدة يستعد للتوجه إلى بيت المقدس وفي ذلك الوقت توفي البطل المجاهد نور الدين الشهيد في دمشق عام 1174م، ونزل النبأ كالصاعقة على العالم الإسلامي الذي كان ينتظر تحرير القدس على يد هذا البطل الذي قطع على نفسه عهداً بأن لا يظله سقف حتى يثأر من الصليبيين.

فأين هو البطل الذي قطع على نفسه عهداً ليثأر من اليهود عما ارتكبوه في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وعين الحلوة؟

قال الشهيد نور الدين يوماً إنني أستحي من الله أن يراني مبتسما في حين يحاصر الإفرنج بيت المقدس!! وظل ملتزما بعهده ماض في جهاده لا يعرف الراحة والسكينة ولا الابتسام، وكان رحمه الله قد عزم على التوجه لفتح بيت المقدس وبنى منبرا في حلب وكتب عليه: هذا من أجل القدس!! فمات رحمه الله قبل أن تتحقق أمنيته، وأرسل صلاح الدين فأحضر هذا المنبر من حلب وجعله في المسجد الأقصى بعد أن حرر القدس من الصليبيين.. وفي يوم الجمعة ليلة الإسراء دخل صلاح الدين القدس، وتوجه إلى المسجد الأقصى ومسجد الصخرة وأزال الصليب من فوق قبته وأزال القاذورات التي فيه ووضع المنبر الذي بناه الشهيد نور الدين في موضعه وأقام صلاة الجمعة.

منبر نور الدين زنكي

واليوم عاد اليهود إلى فلسطين واحتلوا القدس ونجسوا المسجد الأقصى.. فمن له الآن؟ أين البطل الذي سيقوم بتحرير المسجد؟

ومن الذي يبني منبر صلاح الدين الجديد ليضعه في مكانه بعد التحرير؟

وأين هو صلاح الدين الذي يوحد الأمة ويقود الجيوش ويكمل الطريق؟

لقد أحضر صلاح الدين المنبر من حلب فمن أي عاصمة سيأتي منبر المسجد الأقصى الجديد؟؟

 
Leave a comment

Posted by on October 9, 2013 in خواطر حول العالم

 

الدكتور إدريس الحاج داوود في ذمة الله

 (3) الدكتور إدريس الحاج داوود في ذمة الله – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من العراق

صرّح مصدر في الحزب الإسلامي العراقي أن الأخ الحبيب إدريس الحاج داوود توفى صباح يوم الثلاثاء في 2 محرم 1427هـ الموافق 31 كانون الثاني (يناير) 2006م إثر نوبة قلبية لم تمهله.. شيع جثمانه في مسقط رأسه في الموصل بين إخوانه ومحبيه.

الدكتور إدريس الحاج داود

ولنا نحن الطلبة الذين كنا ندرس في استانبول في نهاية الخمسينيات مع الأخ إدريس ذكريات لا تنسى.. عشنا في ظلالها سنوات من الأخوة الغامرة، والمحبة الصادقة، والقلوب المؤتلفة، ما أنسانا بلادنا وأهلنا. فقد وجدنا على البعد بلاداً مثل بلادنا.. ووجدنا في إدريس وصحبه أهلاً مثل أهلنا.

كنت أزوره في نهاية كل أسبوع.. فأجد في بيته عدداً من الإخوة، كلهم مثلي جاءوا يشحذون هممهم، ويستمتعون بصحبة أخيهم إدريس.. كان يكبرنا بعدة سنوات.. ولكن نظرتنا لأخينا إدريس لم تكن تأتي من هذا الفرق في السن.. بل كانت مستمدة من أخلاقياته العالية، وتواضعه الجم، وابتسامته الآسرة، وحديثه العذب ينساب هادئاً قوياً، فيملأ جوانحنا بالأمل.. نخرج من جلسته وكلنا يرى الإسلام منتصراً.

ولمدة أسبوع آخر.. وحتى نلتقي بالأخ إدريس.. نشعر أن المستقبل لهذا الدين.. تخرج الأخ إدريس.. طبيباً متخصصاً.. وغادرنا إلى الموصل التي أحبها وكان كثيراً ما يذكرها ويذكر إخوانه فيها.

في أول فرصة لي ، وقد تخرجت وعملت في الكويت.. ذهبت لزيارة أخي إدريس في الموصل.. وجدت الأجواء كما كانت في استانبول.. فقد جمع إدريس إخوانه الذين تخرجوا معه أو بعده.. وأقاموا معاً مجتمعاً مثالياً رائعاً.. مثل ذلك المجتمع الذي صنعناه في استانبول.

يوم كتبت ذكرياتي عن استانبول.. تساءلت: لماذا استطعنا إقامة مثل هذا المجتمع المتحاب المتفاهم المتكافل في استانبول..؟

هل بسبب قيادة أخينا إدريس الرائعة..؟

أم بسبب ايحاءات دار الخلافة..؟

أم بسبب وجود ثلة رائعة تلاقت من مختلف بلدان المسلمين للدراسة في استانبول.. فوجدت القائد.. ووجدت الجنود.. ووجدت البيئة الصالحة..؟

يومها قلت: كلما وجدت هذه العناصر.. يمكن بناء مجتمع مماثل.

وانقطعت بيننا الأسباب.. فلا حديث في الهاتف.. ولا تزاور ولا لقاء.. لقد حالت الأنظمة الديكتاتورية بين الناس أن يلاقي بعضهم البعض الآخر.. اتصال واحد لم يستطيعوا أن يمنعوه.. وهو تواصل القلوب.. وهتاف الأرواح.. ودعاء الأسحار.

ويوم تداعت القوى الصليبية واحتلت العراق.. قالوا: لأن فيها أسلحة دمار شامل يستطيع صدام أن يستعملها ضد أمريكا والغرب.. وهو يحتاج إلى 45 دقيقة فقط حتى تصل هذه الأسلحة فتضرب عواصم الحضارة الغربية! وان صدام على صلة بمواقع الإرهاب الإسلامي في العالم.. وجاءت طائرات الغرب وأسلحته وقنابله التي تزن 8 طن من مادة  ت.ن.ت  تقصف المدن والقرى.. تقتل الناس، وتدمر البيوت على الرؤوس.. وتنهب المتاحف التي تذكرهم بماضينا العظيم..

يومها اكتشف الناس أن ادعاءاتهم كلها كذب ودجل.. فقالوا أخيراً لقد جئنا من أجل الديمقراطية ونشر لواء الحرية.

موضوعنا الذي نكتبه في رثاء أخينا إدريس لا يسمح لنا بالإجابة على ادعاءاتهم الأولى.. ولا الأخيرة.. وإلا لقلت: سحقاً لهم ولحريتهم ولديمقراطيتهم!!

كان قلبي معلقاً في الموصل.. عند إدريس وإخوانه: د.محمود الحاج قاسم، د.عبد الله الرحو، د.بشير حنون، د.عبد الجبار الحسن وغيرهم كثير.

كنت مشفقاً أن يكون أصابهم مكروه.. فالصواريخ الموجهة التي زعموا أنها ذكية ضربت جميع الأقطار المجاورة للعراق.. وضربت كل المدن والقرى العراقية.. عدد العراقيين المدنيين الذين ماتوا تحت وابل ديمقراطيتهم زادوا عن مائة ألف باعترافهم.

كنت في هذا الحديث مع نفسي.. حتى قرأت ما كتبه مراسل النيويورك تايمز الأمريكية الذي زار مقر الحزب الإسلامي في الموصل وتحدث مع د. إدريس الحاج داود أحمد قادة الحزب.. فرحت كثيراً لسلامته.. وأنست بكلماته للمراسل.. كما كنت استمتع بحديثه في استانبول.. زرته مرة فقال لي 34 ولم أفهم، وبعد قليل طرق الباب صديق آخر فرحب به وقال له أنت 35.. ففهمت أنه استقبل اليوم حتى الآن 35 زائراً.. وغداً امتحانه النهائي.

تحدث الدكتور إدريس للمراسل عن الحزب الإسلامي فقال:

لقد قرر الحزب الإسلامي العودة إلى العراق بعد عشرات السنين التي قضاها في المهجر، موضحا أن القائمين على الحزب أعادوا تشكيله ونشره بين العراقيين، خاصة بعد انهيار نظام صدام حسين، وبعد أن رأينا رايات كثيرة لا تمتلك أي قاعدة شعبية تعود إلى العراق.

إننا نختلف عن هؤلاء، فنحن نمتلك قاعدة حقيقية منذ عام 1944 عندما بدأ العمل الإسلامي على يد الدكتور حسين كمال الدين موفد الإمام حسن البنا رحمه الله، لكن حكومة نوري السعيد لم تسمح لنا بأن نطلق على أنفسنا اسم الإخوان المسلمين، لذلك أنشأنا جمعية الأخوة الإسلامية التي قامت بدور ملموس في التربية الدينية للشعب العراقي، وكان على رأسها الشيخان أمجد الزهاوي ومحمد محمود الصواف.

عام 1960 وبعد انقلاب عبد الكريم قاسم، الذي أنهى الملكية وأسس الجمهورية ومكن للشيوعيين، أسسنا الحزب الإسلامي.

ومثل كل الانقلابات العسكرية التي تعد الشعوب بكل الخيرات: ديمقراطية، حرية، أحزاب، وحدة عربية، تحرير فلسطين، عدالة اجتماعية.. وما أن يصدق الناس ويبدأوا بالحديث عن مشاريعهم المستقبلية.. حتى يبدأ النظام بالاعتقالات وبالقتل والسحل ومحاكم الشعب التي تشبه محاكم التفتيش أو أسوأ منها.. ولقد أصاب الحزب الإسلامي الذي تفاعل معه الشعب العربي والكردي، السني والشيعي.. ما أصاب الآخرين.. مطاردات واعتقالات وإغلاق المقرات.. فقد اكتشف النظام المستبد أن هؤلاء الإسلاميين رجعيون وعملاء ومن أعداء الشعب ولا حرية لأعداء الشعب!!

ويتابع الدكتور إدريس فيقول: تم حظر الحزب عام 1961 وفرّ قادته إلى الخارج، فيما بقي الحزب يعمل سراً في الموصل التي تحولت إلى قاعدة مهمة للعمل الإسلامي. لم يستطع حزب البعث، على الرغم من الإرهاب والملاحقات البوليسية التي تعرض لها الأفراد، والإجراءات المشددة التي فرضت على المساجد، أن يقضي على هذا الحزب.. فالإسلام عميق الجذور في نفوس أهل الموصل.

أما مراسل الصحيفة الأمريكية فيقول: عندما زرت مقر الحزب وجدت عدداً من أعضائه يوزعون مناشير وكراسات تدعو إلى الإسلام بالطرق السلمية. ويؤيد الحزب إقامة نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب في البلاد.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي: أن القوات الأمريكية تعي حقيقة وجود هذا الحزب في العراق، لكنها لا تنوي حظره.

وأضاف أن الأمريكيين يرغبون في الحد من تأثير الإسلاميين في الشارع وتقليص نفوذهم، من خلال برامج إعادة الإعمار ونشر الطمأنينة والاستقرار، وتوفير فرص عمل للمواطنين، بالإضافة إلى إشاعة حرية التعبير عن الرأي.

ووفقاً للمسؤول، سيضمحل الحزب الإسلامي العراقي، مع الوقت بعد تشكيل حكومة علمانية ينجذب إليها المواطنون وتكون قادرة على توفير الرخاء.

وينتهج الحزب في المرحلة الحالية أسلوب عمل معتدل شبيه بالأحزاب الإسلامية في تركيا ومصر وباكستان. وينشط أساساً في مجالات العمل الخيري، إذ افتتح في الأيام الماضية عدداً من العيادات الطبية المجانية، وسيّر عدداً من الدوريات الشعبية لمكافحة عمليات النهب والسرقة، ويوزع أنصاره الصدقات على الفقراء والمستشفيات.

وقال مراسل الصحيفة: أن مكتب الحزب في الموصل عبارة عن خلية من العمل الدؤوب، في بحر من الفوضى خلفتها الحرب في المدينة التي انقطعت فيها الكهرباء والماء ولم يعودا إلا قبل عشرة أيام فقط. واتخذ الحزب مقراً له مكاتب اللجنة الأولمبية التي أصبحت رمزاً لنظام صدام والتي كان يسيطر عليها ابنه عدي. وفي الطابق الثاني شاهد المراسل عدداً من الشبان يعملون على أجهزة كومبيوتر وطابعات وآلة تصوير ضوئي (فوتوكوبي) تبرع بها للحزب احد رجال الأعمال في المدينة. وكانت الآلة تعمل بلا توقف لإنتاج المناشير. وينفي مسؤولو الحزب تلقيهم أي مساعدات من الخارج، ويؤكدون أن تمويلهم يأتي من رجال الأعمال المحليين(الحياة نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز (24/4/2003)).

ويسأل المراسل: وماذا عن علاقة الحزب بالقوات الأمريكية؟

ويجيب الدكتور إدريس:

 إن موقفنا من الأمريكيين واضح، نرفض وجودهم على الأرض العراقية، ونعتبر قواتهم قوة احتلال. ونرفض التعاون معهم، ولن نكون في يوم من الأيام طرفاً في الحكومة التي يعتزم الإحتلال تشكيلها.

ونحن متفقون في هذا التوجه مع جميع الفصائل الوطنية والقومية والدينية في الشعب العراقي.

والحكومة الوحيدة التي نعترف بها، ونتعامل معها هي الحكومة المنتخبة من قبل العراقيين تحت إشراف دولي.

وشدد على أن أقطاب حزبه في المهجر لم يشتركوا في أي مفاوضات مع الأمريكيين أوالبريطانيين قبل غزو العراق.

واشتكى أعضاء الحزب من الاستفزازات التي يواجهونها من الجنود الأمريكيين في الموصل. وأشاروا إلى واقعة جرت عندما توقفت دورية أمريكية أمام مقر الحزب وطلبت من الحارس الواقف أمام المدخل وبيده رشاش كلاشينكوف الدخول إلى المقر وعدم الوقوف مع سلاحه خارجه، فيما كانت طائرات هليكوبتر تحوم في السماء(الحياة نقلاً عن نيويورك تايمز (24/4/2003)).

اللقاءات الأخيرة مع الأخ إدريس

في الآونة الأخيرة تعددت بيننا اللقاءت..

في استانبول أكثر من لقاء.. و في الجزائر في إطار ملتقى الشيخ محفوظ النحناح.. وفي الكويت أكثر من لقاء..

كنا كلما التقينا قلبنا صفحات الذكريات.. وتحدثنا في شؤون المسلمين.. كان يريد أن تكون للحزب الإسلامي قناة فضائية تبث من العراق.. فللجميع أقنيتهم.. يريد أن يسمع الشعب العراقي الصوت العريق الأصيل.. ولقد حقق الله حلمه.. فها هي محطة بغداد تبث يومياً ما كان أخونا إدريس يطمح إليه.

رحم الله أخانا إدريس رحمة واسعة.. وإذا ضاقت علينا الدنيا.. فلم تتسع لمزيد من اللقاءات.. فإننا نرجو الله أن نلتقي مع إخواننا الغرباء في جنات النعيم على سرر متقابلين.

أما ماذا قدمنا حتى نطمح لمثل هذا المقام.. فليس عندنا غير ما قاله ذلك الصحابي الجليل عندما طلب من رسول الله أن يكون رفيقه في الجنة.. فسأله رسول الله: وماذا أعددت لها؟ قال: لا شيء سوى أني أحب الله ورسوله.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب.

2006/2/19م

 
Leave a comment

Posted by on October 1, 2013 in خواطر حول العالم

 

الحزب الإسلامي في الموصل

(2) الحزب الإسلامي في الموصل – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من العراق

الحديث عن الإحتلال الأمريكي للعراق.. أسبابه.. وخططه.. وأهدافه.. حديث طويل.. أتوقع أن يشغل الكتّاب والسياسيين زمناً طويلاً.. وهو بكل تأكيد يستحق ذلك.. فالأصل أن تستخلص العبر من حدث كبير بهذا الحجم.
كتبت منذ فترة مقالاً في مجلة المجتمع الكويتية تحت عنوان: (التاريخ يعيد نفسه بين سايكس – بيكو، وبيرل – فيث).. وقلت يومها أن الحروب ترافقها باستمرار مؤامرات واتفاقيات.. وإذا توقفت الحرب.. فإن الاتفاقيات والمؤامرات مستمرة..
فالمنطقة العربية تعيش منذ عام 1916م نتائج اتفاقية سايكس – بيكو.. ولم تخرج منها بعد.. فهل سنمضي مائة سنة أخرى نعالج المؤامرة التي أعلنت في البنتاغون الأمريكي والتي أطلقوا عليها اتفاق بيرل – فيث..؟
ولكني اليوم سأتحدث عن الحزب الإسلامي في الموصل.. والموصل وإن كانت جزءاً من العراق.. وهي اليوم تحت الاحتلال الأنجلوساكسوني.. إلا أنها جزءٌ أيضاً من الذكريات.. فقد كنت شديد الإشفاق على الثلة التي أمضينا معها أجمل سنين عمرنا في نهاية الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي.. ونحن زملاء دراسة في جامعة استانبول.. من هؤلاء د. طه الجوادي، د. إدريس الحاج داود، د. محمود الحاج قاسم، د. عبد الله الرحو، الدكتور بشير حنون، د. عبد الجبار الحسن، وغيرهم كثير..
كنت مشفقاً أن يكون أصابهم مكروه.. فالصواريخ الموجهة التي زعموا أنها ذكية ضربت جميع الأقطار المجاورة للعراق.. وضربت كل المدنيين العراقيين في كل المدن والقرى.. واللذين سقطوا بالآلاف بالقنابل التي تكفي الواحدة منها لتدمير منطقة بأكملها. كنت أسأل نفسي.. هل أصابتهم إحدى هذه القنابل الذكية؟

وهل وصل إليهم التمدن الديمقراطي الأمريكي؟

كنت في هذا الحديث مع نفسي.. حتى قرأت ما كتبه مراسل النيويورك تايمز الأمريكية الذي زار مقر الحزب الإسلامي في الموصل وتحدث مع د. إدريس الحاج داود أحد قادة الحزب.. فرحت كثيراً لسلامته.. وأنست بكلماته للمراسل.. كما كنت استمتع بحديثه في استانبول.. زرته مرة فقال لي (34) ولم أفهم، وبعد قليل طرق الباب صديق آخر فرحب به وقال له (35).. ففهمت أنه استقبل اليوم حتى الآن 35 زائراً.. وغداً امتحانه النهائي.

تحدث الدكتور إدريس عن الحزب الإسلامي فقال:

لقد قرر الحزب الإسلامي العودة إلى العراق بعد عشرات السنين التي قضاها في المهجر، موضحا أن القائمين على الحزب أعادوا تشكيله ونشره بين العراقيين، خاصة بعد انهيار نظام صدام حسين، وبعد أن رأينا رايات كثيرة لا تمتلك أي قاعدة شعبية تعود إلى العراق.

إننا نختلف عن هؤلاء، فنحن نمتلك قاعدة حقيقية منذ عام 1944م عندما بدأ العمل الإسلامي على يد الدكتور حسين كمال الدين موفد الإمام حسن البنا رحمه الله إلى العراق، لكن حكومة العهد المدني لم تسمح لنا بأن نطلق على أنفسنا اسم الإخوان المسلمين، لذلك أنشأنا جمعية الأخوة الإسلامية التي قامت بدور ملموس في التربية الدينية للشعب العراقي، وكان على رأسها الشيخان أمجد الزهاوي ومحمد محمود الصواف.

عام 1960م وبعد انقلاب عبد الكريم قاسم، الذي أنهى الملكية وأسس الجمهورية ومكن للشيوعيين، أسسنا الحزب الإسلامي.

ومثل كل الانقلابات العسكرية التي تعد الشعوب بكل الخيرات: ديمقراطية، حرية، أحزاب، وحدة عربية، تحرير فلسطين، عدالة اجتماعية.. وما أن يصدق الناس ويبدأوا بالحديث عن مشاريعهم المستقبلية.. حتى يبدأ النظام بالاعتقالات وبالقتل والسحل ومحاكم الشعب التي تشبه محاكم التفتيش أو أسوأ منها.. ولقد أصاب الحزب الإسلامي الذي تفاعل معه الشعب العربي والكردي، ما أصاب الآخرين.. مطاردات واعتقالات وإغلاق المقرات.. فقد اكتشف النظام المستبد أن هؤلاء الإسلاميين رجعيون وعملاء ومن أعداء الشعب ولا حرية لأعداء الشعب!!

ويتابع الدكتور إدريس فيقول: تم حظر الحزب عام 1961م وفرّ قادته إلى الخارج، فيما بقي الحزب يعمل سراً في الموصل التي تحولت إلى قاعدة مهمة للعمل الإسلامي. لم يستطع حزب البعث، على الرغم من الإرهاب والملاحقات البوليسية التي تعرض لها الأفراد، والإجراءات المشددة التي فرضت على المساجد، أن يقضي على هذا الحزب.. فالإسلام عميق الجذور في نفوس أهل الموصل.

أما مراسل الصحيفة الأمريكية فيقول: عندما زرت مقر الحزب وجدت عدداً من أعضائه يوزعون مناشير وكراسات تدعو إلى الإسلام بالطرق السلمية. ويؤيد الحزب إقامة نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب في البلاد.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي: أن القوات الأمريكية تعي حقيقة وجود هذا الحزب، لكنها لا تنوي حظره.

وأضاف أن الأمريكيين يرغبون في الحد من تأثير الإسلاميين في الشارع وتقليص نفوذهم من خلال برامج إعادة الإعمار ونشر الطمأنينة والاستقرار وتوفير فرص عمل للمواطنين، بالإضافة إلى إشاعة حرية التعبير عن الرأي.

ووفقاً للمسؤول، سيضمحل الحزب الإسلامي العراقي، مع الوقت بعد تشكيل حكومة علمانية ينجذب إليها المواطنون وتكون قادرة على توفير الرخاء.

وينتهج الحزب في المرحلة الحالية أسلوب عمل معتدل شبيه بالأحزاب الإسلامية في تركيا ومصر وباكستان. وينشط أساساً في مجالات العمل الخيري، إذ افتتح في الأيام الماضية عدداً من العيادات الطبية المجانية، وسيّر عدداً من الدوريات الشعبية لمكافحة عمليات النهب والسرقة. ويوزع أنصاره الصدقات على الفقراء والمستشفيات.

وقال مراسل الصحيفة: أن مكتب الحزب في الموصل عبارة عن خلية من العمل الدؤوب، في بحر من الفوضى خلفتها الحرب في المدينة التي انقطعت فيها الكهرباء والماء ولم يعودا إلا قبل عشرة أيام فقط. واتخذ الحزب مقراً له مكاتب اللجنة الأولمبية التي أصبحت رمزاً لنظام صدام والتي كان يسيطر عليها ابنه عدي. وفي الطابق الثاني شاهد المراسل عدداً من الشبان يعملون على أجهزة كومبيوتر وطابعات وآلة تصوير ضوئي (فوتوكوبي) تبرع بها للحزب احد رجال الأعمال في المدينة. وكانت الآلة تعمل بلا توقف لإنتاج المناشير. وينفي مسؤولو الحزب تلقيهم أي مساعدات من الخارج، ويؤكدون أن تمويلهم يأتي من رجال الأعمال المحليين(جريدة الحياة نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز (24/4/2003)).

وماذا عن علاقة الحزب بالقوات الأمريكية؟

ويجيب الدكتور إدريس:

إن موقفنا من الأمريكيين واضح، نرفض وجودهم على الأرض العراقية، ونعتبر قواتهم قوة احتلال. ونرفض التعاون معهم، ولن نكون في يوم من الأيام طرفاً في الحكومة التي يعتزم الإحتلال تشكيلها.

ونحن متفقون في هذا التوجه مع جميع الفصائل الوطنية والقومية والدينية في الشعب العراقي.

والحكومة الوحيدة التي نعترف بها، ونتعامل معها هي الحكومة المنتخبة من قبل العراقيين تحت إشراف دولي.

وشدد على أن أقطاب حزبه في المهجر لم يشتركوا في أي مفاوضات مع الأمريكيين والبريطانيين قبل غزو العراق.

واشتكى أعضاء الحزب من الاستفزازات التي يواجهونها من الجنود الأمريكيين في الموصل. وأشاروا إلى واقعة جرت عندما توقفت دورية أمريكية أمام مقر الحزب وطلبت من الحارس الواقف أمام المدخل وبيده رشاش كلاشينكوف الدخول إلى المقر وعدم الوقوف مع سلاحه خارجه، فيما كانت طائرات هليكوبتر تحوم في السماء(جريدة الحياة نقلاً عن نيويورك تايمز (24/4/2003)).

وأضاف المتحدث باسم الحزب الدكتور محسن عبد الحميد فقال:

نعلم مسبقا أن الأمريكيين لن يقبلوا إلا بمن يعطيهم قواعد عسكرية ويعترف بإسرائيل، ونحن ضد ذلك قلبا وقالبا، ونقول: إن بقاءهم بالعراق لن يطول كثيرا.

وأضاف: العراقيون لن يقبلوا بمحتل، فإذا صدقوا في قولهم بأنهم جاءوا للتحرير، وخرجوا من ديارنا فبها ونعمت، وإلا فإن الشعب سيستخدم كل الوسائل المشروعة للدفاع عن النفس والأرض والوطن.

وحول
ما إذا كان بإمكان الشعب العراقي التوحد في مواجهة الاحتلال، وهو منقسم واقعيا بين سنة وشيعة وأكراد وتركمان، شدد عبد الحميد على أن الحزب يدعو ويعمل على دعوة كل الطوائف والأعراق إلى الوحدة والأخوة في الدين والوطن”، موضحا أن الحزب يشكل لجانا للتقارب بين هذه الطوائف والأعراق.

وأضاف: لنا مع الشيعة على سبيل المثال جسور طيبة ممتدة منذ عام 1960م عندما أجهضنا المشروع الشيوعي في العراق، مشيرا إلى أن هناك لجانا من الطرفين تجتمع وتحاول أن تنمي الأخوة الإسلامية بين السنة والشيعة.

إعادة تشكيل للأطروحات

وحول أطروحاته للوضع الحالي في العراق قال عبد الحميد: لقد أعدنا الحياة إلى الحزب، ونحن في سبيلنا لإعادة تشكيل أطروحاتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مضيفا: شكلنا لجانا تعكف حاليا على تعديل دستور الحزب أيضا، وحتى لائحتنا الداخلية. وهذا لن يتم قبل شهر.

وأوضح: لنا الحق في أن نقدم أنفسنا، وأن ننشر مبادئنا وأفكارنا، ولا يهمنا النتائج كثيرا، كل ما نريده أن نزيد الوعي بالإسلام بين فئات الشعب، وأن نزيل الغشاوة التي تبـاعد بين هـذا الشعـب وبين إسلامه، وسيكون ذلك من خلال ما نقدمه له في كافة المجالات، مضيفا: إننا من الآن نقدم خدمات ملموسة عن طريق تقديم الإغاثة للمنكوبين وتشكيل لجان شعبية لحل المشكلات، ونعمل في كثير من المواقع(إسلام أون لاين 24/4/2003م).

2003/4/28م

 
Leave a comment

Posted by on September 29, 2013 in خواطر حول العالم

 

ماذا بعد احتلال العراق؟

(1) ماذا بعد احتلال العراق؟ – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من العراق

مقدمة

قد يكون من المبكر الحديث عن الحرب الأمريكية في العراق(كُتب البحث في 20/4/2003م).. مقدماتها.. وصفقاتها.. ونتائجها.. ولكن الإنسان عجول بطبعه.. ويحب أن يحصل على إجابات لأسئلته.. ولا أجد بأساً في ذلك.. فلا يمكن لإنسان متفاعل مع الحدث.. تابع الأحداث وتصور لها نهاية تناسبه.. وهي  نهاية وردية في أغلب الأحيان.. لا يمكن أن نقول لهذا الإنسان انتظر حتى ينكشف المستور، وتظهر الحقائق.. فالحقائق لا تظهر أحياناً إلا بعد خمسين سنة.

ولهذا سنحاول أن نذكر بعض النتائج التي أسفرت عنها هذه الحرب على المستوى العراقي.. وعلى المستوى الخليجي.. وعلى المستوى العربي.. وعلى المستوى الأوروبي.. وعلى المستوى العالمي.. وعلى المستوى الأمريكي.. نذكرها بدون تحديدات دقيقة.. فالمعلومات غير متوفرة إلا عند صنّاع الحدث.. ولا يذيعون منها إلا القدر الذي يناسبهم. وما يناسبهم قد لا يناسبنا.

العراق تحت الاحتلال

قبل الحديث عن الحرب الأخيرة في العراق.. لا بد أن نضع أمام القارئ بعض المحطات الرئيسة التي مرّ بها العراق منذ تولى قيادته صدام حسين.

عام 1959 شارك صدام حسين في محاولة فاشلة لاغتيال عبد الكريم قاسم الذي أطاح بالملكية وأقام النظام الجمهوري عام 1958.

عام 1968 قام البعث بانقلاب عسكري سيطر فيه على الحكم في العراق. وأصبح اللواء أحمد حسن البكر رئيساً للجمهورية.. وعمل البكر وصدام معاً وأصبحا القوة المهيمنة على حزب البعث.

عام 1972 عقد العراق معاهدة تعاون وصداقة مع الاتحاد السوفياتي، كما أمم شركة النفط الوطنية، التي تأسست في ظل الإدارة البريطانية، وكانت تصدر النفط إلى الغرب بأسعار رخيصة.

وقد استثمر بعض أموال النفط التي أعقبت أزمة عام 1973 في الصناعة والتعليم والصحة، مما رفع المستوى المعيشي إلى أعلى مستوى في العالم العربي.

عام 1974م ثار الأكراد في شمال العراق بدعم من شاه إيران الذي تؤيده الإدارة الأمريكية. وقد دفع هذا الصراع الحكومة العراقية إلى طاولة المفاوضات مع إيران، إذ وافقت على تقاسم السيطرة على شط العرب (اتفاقية الجزائر التي وقعت عام 1975)، مقابل ذلك أوقف شاه إيران تقديم الدعم المادي للأكراد في شمال العراق مما مكّن النظام العراقي من إخماد الانتفاضة الكردية.

عام 1978، أصبح الانتماء إلى أي من أحزاب المعارضة جريمة يعاقب عليها القانون العراقي بالإعدام. وفي العام التالي أجبر صدام حسين المهيب أحمد حسين البكر على الاستقالة وتولى جميع السلطات في البلاد.

وقد أقدم صدام على إعدام العشرات من منافسيه في قيادة الحزب والدولة خلال أيام من وصوله إلى الرئاسة.

في 22 سبتمبر عام 1980م بدأت الحرب مع إيران.. وهذه الحرب هي بكل المقاييس حرب بالوكالة.. خاضها صدام حسين برعاية أمريكية وبدعم خليجي.. كانت المليارات طوع يديه.. والأقمار الصناعية التجسسية الأمريكية تقدم له المعلومات.. وأسلحة الدمار الشامل تزوده بها أمريكا ليضرب إيران والأكراد في داخل العراق.. أهداف الحرب أمريكياً كانت إسقاط النظام الإيراني الجديد.. وأهدافها عراقياً.. أن يتسنّم صدام حسين مركزاً مرموقاً في السياسية الشرق أوسطية التي ترعاها أمريكا.

في 18 يوليو عام 1988م وافقت إيران على هدنة اقترحتها الأمم المتحدة. وبدأ سريان وقف إطلاق النار في 20 أغسطس، وأرسلت الأمم المتحدة قوات دولية لحفظ السلام.

وبنهاية الحرب لم تتغير حدود البلدين تغييراً كبيراً لكن كلا من العراق وإيران شعرتا بثقل التكاليف البشرية والاقتصادية الهائلة لثمانية أعوام من الحرب التي حصدت أرواح نحو (400) ألف شخص من الجانبين كما خلفت نحو (750) ألف مصاب.

تقدر قيمة الخسائر الاقتصادية وخسائر عائدات النفط لكل من البلدين بأكثر من (400) مليار دولار. إلا أنه بعد ثلاثة أعوام من انتهاء الحرب وفي عام 1991 وبعد شهر واحد من الغزو العراقي للكويت وافق العراق على الالتزام باتفاقية عام 1975 التي وقعها مع إيران.

اغتنمت إسرائيل فترة انشغال العراق بحربه ضد إيران.. فأغارت مجموعة من الطائرات الإسرائيلية على مفاعل تموز النووي الذي أقامته فرنسا في العراق.. وحولته إلى أنقاض.

في 2 أغسطس 1990 غزا صدام حسين الكويت.. مدعياً أنها جزء من العراق.. في هذا التاريخ يمكننا أن نقول أن أمريكا خطت أولى خطواتها الاستراتيجية.. هيأت الأمر سفيرتها في بغداد أبريل غلاسبي التي أفهمت صدام عمق الروابط بين البلدين.. وعندما تحدث عن نيته في الحرب ضد الكويت.. قالت له السفيرة: هذه قضايا داخلية لا علاقة لنا بها.

كان هدف أمريكا توريط صدام وإزالته.. فهو عميل لا يُطمأن إليه.. وهدف القيادة العراقية.. هو ابتزاز دول الخليج.. وإشباع نزعة التأله التي بدأت تظهر على شخصية صدام حسين.

في (17) يناير1991م شنت أمريكا عملية عاصفة الصحراء ضد العراق.. وفي 27 فبراير تحررت الكويت وقبلت العراق قرار وقف إطلاق النار.

وتحرك الشعب العراقي في الشمال والجنوب في انتفاضة شعبية.. كان بإمكانها الإطاحة بصدام حسين.. ولكن اللعبة لم تنته بعد.. فعلى الرغم من وجود القوات الأمريكية داخل العراق، فقد سمحت لصدام باستخدام أسلحته لإبادة الانتفاضة في الشمال وفي الجنوب.. فأسلحته فتاكة حين يكون عدوه شعبه.. وفرضت أمريكا عليه قرارها بإنشاء منطقة الحظر الجوي في الشمال وفي الجنوب.. بحجة الدفاع عن الشعب العراقي(في مارس 1991في الشمال وعام 1992 في الجنوب).

تقول جماعة( إندايت) التي تدعو لمحاكمة القادة  العراقيين بتهم ارتكاب جرائم حرب، إن المتمردين قد اعدموا جماعياً، وإن المستشفيات والمدارس والمساجد والأضرحة وطوابير اللاجئين الفارين قد تعرضت للقصف. وتقول الولايات المتحدة، التي تعرضت لانتقادات شديدة لسماحها لصدام حسين باستمرار استخدام قواته الجوية، إن ما بين ثلاثين ألفاً وستين ألف عراقي قد لقوا حتفهم.

وفي الشمال، فر نحو مليون ونصف المليون كردي عبر الجبال إلى إيران وتركيا. وقد ساهمت الظروف المناخية السيئة والتضاريس الصعبة في زيادة معاناة اللاجئين وخلقت كارثة إنسانية رهيبة.

ولقد تسببت حرب الخليج الثانية بأسوأ الكوارث البيئية التي شهدها العالم. فقد أضرم العراقيون النار في (600) بئر نفطي في الكويت على الأقل، مما نتج عنه غمامة سوداء من الدخان غطت سماء الكويت. وقد تطلبت عملية إطفاء هذه الحرائق جهوداً مضنية بذلها متخصصون في هذا المضمار على مدى ستة أشهر.

أما في العراق، فقد أثار التلوث الناتج عن استخدام القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها للذخيرة المصنوعة من مادة اليورانيوم المنضب قلقاً شديداً.

ويقول العراقيون إن الإشعاع الناتج عن استخدام هذا النوع من الذخائر قد تسبب في ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية تسعة أضعاف في المناطق الجنوبية من البلاد وعلى الأخص المناطق المحيطة بمدينة البصرة.

في أبريل 1991م قررت الأمم المتحدة إجراء عمليات تفتيش على الأسلحة العراقية. استمرت اللجنة في عملها لأكثر من سبع سنوات تم خلالها تدمير العديد من الأسلحة المحظورة وتفكيك معدات إنتاجها.

في يونيو 1993م أصدر الرئيس الأمريكي بيل كلينتون تعليمات بتوجيه ضربات جوية لمقر المخابرات العراقية رداً على محاولة لاغتيال سلفه جورج بوش الأب قبل هذا بشهرين أثناء زيارة قام بها للكويت.

في ديسمبر 1998م شنت الولايات المتحدة وبريطانيا عملية ثعلب الصحراء.. وكان الهدف المعلن رسمياً من حملة التفجير والقصف باستخدام صواريخ كروز التي أصابت (100) هدف في مختلف أنحاء العراق، هو حرمان صدام حسين من القدرة على إنتاج أسلحة دمار شامل!

وشملت الأهداف، بالإضافة إلى المواقع التي لها علاقة بإنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية، مواقع الشرطة السرية، وقوات الحرس الجمهوري، وقواعد جوية، ومواقع دفاع جوي، ومصافي نفط البصرة.

وفي 26 نوفمبر 1993م وافقت بغداد من دون شروط على القرار رقم (715) الصادر عن مجلس الأمن حول مراقبة التسليح العراقي. وهو القرار الذي استغله الأمريكان حتى قيام الحرب الأخيرة.

في 27 نوفمبر 2002م استأنف مفتشو نزع الاسلحة بقيادة بليكس عملهم في داخل العراق.. بعد تبني مجلس الأمن في (8) نوفمبر 2002م القرار (1441) الذي  يطالب العراق بكشف برنامجه لإنتاج أسلحة الدمار الشامل.

حاولت أمريكا وانكلترا الحصول على قرار ثان من مجلس الأمن يخولها استخدام القوة.. ولكن الفيتو الفرنسي منع صدور مثل هذا القرار.. ولهذا بدأت أمريكا الحرب بقرار منفرد يوم 20 مارس 2003م.

بدايات الحرب كانت مفاجئة للأمريكان.. فقد توقعوا أن يستقبلهم العراقيون بالزغاريد.. ولكن المقاومة كانت في البداية شرسة.. مما أربك خطة الحرب الأمريكية.

وبينما كان العالم الذي تحمّس مع العراقيين، الذين نهضوا في بداية الحرب نهضة رجل واحد يتصدون للعدوان.. وكان الجميع ينتظرون معركة بغداد التي ستكون مقبرة للغزاة.. وإذا بالأمريكان يدخلون بغداد يوم 9 أبريل 2003 دون مقاومة.. فلقد هربت القيادة واستسلمت القوات التي ظنها الناس حصناً لا يمكن تجاوزه.

لقد تآمر صدام حسين على رفاقه الحزبيين.. وقام بانقلاب داخلي أبعد أحمد حسن البكر الذي اعتبره البعثيون في العراق بمثابة والد الجميع.. وتابع المسيرة نحو البعثيين الذين انشقوا عليه فصفاهم في كل مكان وصلت إليه يده.. ولم يسلم من هؤلاء صهره زوج ابنته الذي قتله بيده كما أشيع.

وتآمر صدام حسين على الأكراد.. فحاول قتل الزعيم الكردي مصطفى البرزاني بعد أن عقد معه اتفاقية الحكم الذاتي.. ونجا البرزاني من الموت بأعجوبة.. وإن كانت حادثة تفجير مقره قد أودت بحياة عدد كبير من مساعديه.. ثم قام بتهجير الأكراد من مناطقهم في الشمال وأثناء نقلهم من ديارهم إلى الجنوب صفى منهم فيما عرف بالأنفال (180) ألف إنسان.. وكانت إحدى حلقات الأحزان الكردية وتحديداً في 16 مارس 1988م ما شهدته بلدة حلبجة الكردية التي قتل فيها وفي يوم واحد خمسة آلاف مواطن عراقي كردي.

في ذلك اليوم المشؤوم ألقت المروحيات والطائرات العراقية خليطاً فتاكاً من غاز الخردل وغاز الأعصاب، مما أدى إلى سقوط ذلك العدد الكبير من القتلى في تلك البلدة الحدودية الصغيرة، وأما من نجا من الموت فقد أصيب بالعمى أو بأمراض مزمنة خطيرة!

واليوم وبعد مرور خمسة عشر عاماً على تلك الجريمة النكراء، التي استخدم فيها نظام صدام أسلحة الدمار الشامل ضد شعبه يقود وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد حملة عسكرية غير مسبوقة لإزالة تلك الأسلحة وإطاحة نظام صدام.. ولكنها ستكون مفارقة تاريخية مؤلمة، ذلك أن اسم دونالد رامسفيلد ذاته، وليس أي شخص آخرسواه، يرتبط بمذبحة  (حلبجة) وبتزويد نظام صدام بأسلحة الدمار الشامل خلال الحرب العراقية الإيرانية!

ولمزيد من الإيضاح، فإن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق ريغان محت في العام 1982 اسم العراق من لائحة الدول الراعية للإرهاب، وفتحت بذلك الباب أمام التعاون الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد ضد إيران، وبناءً على نصيحة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السي. آي. إيه حينذاك صدر قرار بتزويد نظام صدام بالمعلومات العسكرية عن إيران، وتقديم الاستشارات التخطيطية، وتزويده بالسلاح، وضمان عدم نقص الذخائر.. وفي  هذا الإطار ابتعث الرئيس ريغان مندوبه دونالد رامسفيلد إياه يوم 19كانون أول( ديسمبر) من العام 1983 إلى بغداد في مهمة خاصة تستهدف دعم التعاون العسكري السري بين الولايات المتحدة والعراق، وكرر رامسفيلد الزيارة في 24آذار( مارس) من العام 1984، وفي ذينك العامين استخدم صدام الأسلحة الكيماوية ضد القوات الإيرانية، التي عدّها الأمريكان تفوقاً تكتيكياً ضرورياً للعراق على إيران، ويكشف الصحافي بوب وودوارد في صحيفة واشنطن بوست (15 ديسمبر من العام 1986) أن السي. آي. إيه هي التي أعانت نظام صدام على تصنيع غاز الخردل!

وتآمر صدام حسين على الشيعة في العراق.. قبل حربه مع إيران.. وأثناء الحرب.. وأثناء الانتفاضة الشعبية بعد حرب عام 1991.

موقفه من الشيعة جزء منه انتهازي.. فقد نال به ثناء دول  الخليج.. وأحياناً بعض الإسلاميين الذين اعتبروه حارس البوابة الشرقية للوطن العربي.. وثناء أمريكا التي كانت تعادي إيران وتعتبرها العدو الأول لها ولإسرائيل.

وباختصار فلم يبق لصدام حسين إلا الشريحة السنية في وسط العراق.. وأقاربه في تكريت.. وأزلامه في حزب البعث.. وهؤلاء جميعاً طلاب زعامات.. ورجال بلا قلب.. يمكن اعتبارهم مجرمي حرب في العرف الإسلامي والقانوني.

وحزب البعث حزب شكّله ميشيل عفلق وصلاح البيطار، استمدا فلسفته من الفلسفة الغربية الفرنسية العلمانية،، وكل من يقرأ مبادئ البعث كما كتبها مؤسسه ميشيل عفلق في كتابه( في سبيل البعث).. يدرك أنها فلسفة تعادي الإسلام والقيم التي نشأت عليها وآمنت بها شعوبنا المسلمة..

ولا نتصور أن المسافة ستكون كبيرة بين البعث برئاسة صدام حسين.. والبعث الذي سيتعاون مع الاحتلال.. فتاريخه منذ أكثر من خمسين سنة توصلنا لمثل هذه النتيجة. ولقد صرح وزير الدفاع البريطاني لصحيفة الأوبزرفر في (13) أبريل 2003م أن أعضاء حزب البعث سيسمح لهم بالمشاركة في إعادة بناء البلاد..!!

نتائج الحرب

1- كان واضحاً أن حرب أمريكا على العراق ستنتهي بانتهاء النظام العراقي.. فالخلل في ميزان القوى، والفرق بين سلاح أكل عليه الدهر وشرب في العراق، وبين أقوى ترسانة أسلحة وأكثرها تطوراً وفتكاً في امريكا.. كبيرٌ للغاية وسيحسم النتيجة لصالح أمريكا..

كان المتعاطفون مع الشعب العراقي.. أو لنقل الناقمون على أمريكا نتيجة عدوانها.. يتمنون أن تطول الحرب قليلاً وأن يسقط عدد آخر من قوات الاحتلال الأمريكي لا أكثر.

2- ولكن لم يكن من المتوقع أبداً.. أن يحدث هذا الانهيار السريع في قمة القيادة في بغداد.. إن الطريقة التي سُلّمت بها مفاتيح بغداد شكلت فضيحة لكل التحليلات الاستراتيجية التي صدرت عن الجانب العربي، والتي لم تبرز فقط هشاشة بنية النظام وهزال قدراته العسكرية، بل كشفت ضعف شعور رأس النظام بأي مسؤولية تجاه مستقبل البلد الذي حكمه لمدة ثلاثة عقود، فكان زجه في المعارك مثل إخراجه منها محكوماً بالبحث عن سلامة القائد حتى لو كانت سلامة موهومة.

وهذا المنطق للأسف الشديد.. هو منطق جميع الحكومات الثورية التي ابتليت بها أمتنا..فبعد نكسة عام 1967.. أعلن جمال عبد الناصر قائد ثورة يوليو في مصر أن إسرائيل لم تنتصر.. فالثورة العظيمة والقائد العظيم ما زالا موجودين.وبنفس الطريقة صرّح إبراهيم ماخوس وزير خارجية سوريا أثناء حرب عام 1967، وعلى نفس المنوال مشى صدام حسين في جميع معاركه، حتى  وصل إلى أم المعارك.. ثم إلى أم الهزائم.

يوم فتح السلطان محمد الفاتح استانبول عرض الأمان على إمبراطور القسطنطينية  فأبى..  وقال لابد للقائد من أن يدافع عن بلده ويموت مع شعبه..

جميع هؤلاء الثوريين الذين ابتليت بهم بلادنا..لم يعرفوا إلا الهزائم.. فهم أقل  شأناً من أن تصفهم شعوبهم يوماً بأنهم دافعوا عن البلاد..!!

3- المعارضة العراقية.. متعددة التيارات.. من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. قوى إسلامية.. وشيعية وهي الأوسع وجوداً على الساحة حالياً.. والتيار الوطني الذي يهمه إقامة حكم ديموقراطي مستقل في العراق ينعم شعبه بخيراته، ويحسن علاقاته مع جميع جيرانه، ويستثمر ثروات بلاده في التعليم والصحة  والرفاه..

وتيارات أخرى أوجدها الإنكليز والأمريكان.. أنفقوا عليها.. وحملوها معهم كجزء من مستلزمات الحملة لاحتلال العراق..

هؤلاء كما رصدتهم جريدة الحياة(حسن منيمنة 13/4/2003):

    * الاتجاه الأول أولوياته هي استقرار الترتيب السياسي الملائم للولايات المتحدة في المنطقة، والمحافظة بالتالي على الحلفاء واسترضاؤهم. وأفق هذا الاتجاه هو المدى المتوسط، لإدراك أصحابه أن العديد من هؤلاء الحلفاء يعيش أزمات ويواجه تحديات داخلية مختلفة، والثقة في تمكنهم من تجاوز محنهم على المدى الطويل ضئيلة.

    * ما أولوية الاتجاه الثاني فضمان المصلحة الاقتصادية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتحديداً تثبيت أسعار النفط أو دفعها إلى التراجع، وربما أيضاً الاستفادة من إعادة إعمار العراق لصالح القطاع الخاص الأمريكي. وأفق هذا الاتجاه هو المدى القصير، لارتباطه على الغالب باعتبارات داخلية اقتصادية وانتخابية أمريكية.

    * أما الاتجاه الثالث فأولويته تبديد خطر الإرهاب بأسلحة الدمار الشامل، عبر إزالتها أو على الأقل تدجين أصحابها . وأفقه مرتبط بالنجاحات التي قد تتحقق في تفتيت الشبكات المعادية.

    * ويبقى الاتجاه الرابع وهو عقائدي الطابع، والساعي إلى إعادة ترتيب المنظومة السياسية والاقتصادية العالمية بما ينسجم ومصالح واشنطن. وأفقه هو المدى البعيد، بل حديث أصحابه هو، عن(القرن) الأمريكي الجديد.

    * هذه التشكيلة.. يضاف إليها فلول البعثيين الذين هم أزلام كل سلطة.

أما الإسلاميون فلهم دور كبير

بشرط الابتعاد عن الطائفية.. فمازال  السنة يتحدثون عن الشيعة كطابور خامس لإيران.. ومازال الشيعة ينظرون للسنة باعتبارهم كانوا أدوات النظام الاستبدادي.. والتيار الديني هو تيار توحيد العراق: بإمكانه توحيد السنة والشيعة والأكراد والتركمان وجميع الملل والنحل في العراق. عليهم أن يستفيدوا من تجارب الماضي وينطلقوا بروح جديدة توحد ولا تفرق، تقوي ولا تضعف.. تبدأ من نقطة الوفاق ثم توسعه.

لاشيء سيحرر البلد من تركة النظام ومآسيه والصفحات السود، سوى أن يتعلم قادة المعارضة في الخارج والداخل دروس الإنقاذ، لأن الامتحان كبير. وكلهم يسمع صرخات استغاثة في بغداد التي استبيحت ليلاً ونهاراً بغزو آخر، جعل بعض الذين خالوا أن النصر اكتمل على نظام صدام يذكرون له (مأثرة) حفظ أمن الشارع وممتلكات المواطنين الأبرياء!

حتى في حضور الجنرال تومي فرانكس و(الحاكم المؤقت) الصهيوني جاي غارنر، يمكن لقادة المعارضة أن يختاروا تعلم الدرس، لإنقاذ البلد من مشاريع الإدارات العشائرية التي ستزرع بذور حروب صغيرة بلا نهاية. فإيقاظ الروح القبلية العشائرية لا يمكن إلا أن يغذي الرغبة في تقويض أسس الدولة الموحدة،لتنكفئ الطوائف والقوميات على ذاتها. أكثر من ذلك، لن يكون للمعارضة خلاص من نار تفكيك البلد وتشرذمه، إذا تمسكت بأصوات الأشخاص- الرموز- في معركة البقاء، وتصارعت على المقاعد والمناصب لتنتهي مستنجدة بالأمريكي كقوة(ردع) وحيدة بين الفصائل والأحزاب، والطوائف والمذاهب العشائرية، و(الأقليات).

    * الأقلية الوحيدة في العراق اليوم هي العراق الوطن، فالأمريكي انتصر بالقوة، والمعارضة ما زالت مشروع انتصار وستبقى كذلك،إلى أن تتمكن من استعجال رحيل الأجنبي، وهزيمة الغرائز والمصالح الذاتية، والثارات المتراكمة. لن تربح في كركوك ولا بغداد ولا الناصرية، إلا إذا أنقذت وحدة العراق وأعادته إلى شعبه.في هذه الحال فقط لن يؤرخ 9 نيسان(أبريل) لبداية فصل جديد من الكوارث(زهير قصيباتي(الحياة 13\4\2003 )).

 
Leave a comment

Posted by on September 27, 2013 in خواطر حول العالم