من يبني منبر نور الدين زنكي؟ – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من فلسطين
في سنة 1099م احتل الصليبيون بيت المقدس بعد حصار دام، والمسلمون بداخل القدس محاصرون.. ومع دخول الصليبيين للقدس بدأ القتل لمدة أسبوع، وبلغ مجموع من قتل أو ذبح من المسلمين ما يزيد على سبعين ألف شخص بين صغير وكبير وبين امرأة وطفل وشيخ.
وكان الفاطميون الذين كانوا يحكمون القدس يخافون من الصليبيين خوفاً شديداً، ولا يستطيعون الوقوف أمامهم أو مقاتلتهم، في حين كان الخلاف قد دب بين السلاطين المسلمين في بلاد الشام، فسيطر الصليبيون على القدس، ثم استولوا على السواحل في أيام الخليفة المستعلي بالله الفاطمي.
وفي سنة 1171م استولى الصليبيون على بلبيس في مصر واقتربوا من القاهرة وحاصروها، وكان وزير الخليفة الفاطمي وأمير الجيوش شاور يتصل سراً بالصليبيين ويفاوضهم على أن يرحلوا عن القاهرة وأعطاهم الأموال والأراضي وأنزلهم في دور القاهرة وبنى لهم أسواقاً خاصة بهم.
وأرسل العاضد خليفة مصر الفاطمي آنذاك إلى السلطان نور الدين الشهيد سلطان دمشق وطلب منه النجدة، وقال له: هذه شعور نسائي يستغثن بك لتنقذهن من الصليبيين.
بادر القائد نور الدين الشهيد إلى النجدة فأرسل أسد الدين شيركوه ومعه صلاح الدين الأيوبي على رأس جيش إلى مصر، ودارت هناك معارك طاحنة أدت إلى انسحاب الصليبيين من مصر.. فتحرك الخائن شاور الذي لم يسعده ذهاب أسياده وانتصار المسلمين، فدبر خطة للإيقاع بشيركوه وصلاح الدين.. ولما رأى جنود الإسلام ذلك من شاور عزموا على قتله فوثب عليه صلاح الدين ومن معه فقتلوه وأرسلوا به إلى الخليفة العاضد.
وفي سنة 1168م تولى اسد الدين شيركوه وزارة مصر بعد قتل الخائن شاور صديق الصليبيين، ولكنه ما لبث أن توفي فتولى الوزارة بعده القائد صلاح الدين الأيوبي الذي قام بتوحيد الجيوش في مصر وبلاد الشام وبدأ الاستعداد لمواجهة فاصلة مع الصليبيين.
وفي سنة 1170م خرج صلاح الدين واجتاز سيناء وحرر غزة، ثم عاد وحرر العقبة والبحر الأحمر، وأرسل أخاه لتطهير اليمن من أصحاب الفتنة الانفصاليين، وكذلك فعل في صعيد مصر.. ووحد بذلك بلاد الشام مع اليمن والعراق ومصر والسودان وليبيا والحجاز.. وعاد اسم صلاح الدين عندما يذكر تلهج له الألسنة بالدعاء والتوفيق والنصر في كل مكان من بلاد المسلمين.
أخذ صلاح الدين بعد تحقيق الوحدة يستعد للتوجه إلى بيت المقدس وفي ذلك الوقت توفي البطل المجاهد نور الدين الشهيد في دمشق عام 1174م، ونزل النبأ كالصاعقة على العالم الإسلامي الذي كان ينتظر تحرير القدس على يد هذا البطل الذي قطع على نفسه عهداً بأن لا يظله سقف حتى يثأر من الصليبيين.
فأين هو البطل الذي قطع على نفسه عهداً ليثأر من اليهود عما ارتكبوه في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وعين الحلوة؟
قال الشهيد نور الدين يوماً إنني أستحي من الله أن يراني مبتسما في حين يحاصر الإفرنج بيت المقدس!! وظل ملتزما بعهده ماض في جهاده لا يعرف الراحة والسكينة ولا الابتسام، وكان رحمه الله قد عزم على التوجه لفتح بيت المقدس وبنى منبرا في حلب وكتب عليه: هذا من أجل القدس!! فمات رحمه الله قبل أن تتحقق أمنيته، وأرسل صلاح الدين فأحضر هذا المنبر من حلب وجعله في المسجد الأقصى بعد أن حرر القدس من الصليبيين.. وفي يوم الجمعة ليلة الإسراء دخل صلاح الدين القدس، وتوجه إلى المسجد الأقصى ومسجد الصخرة وأزال الصليب من فوق قبته وأزال القاذورات التي فيه ووضع المنبر الذي بناه الشهيد نور الدين في موضعه وأقام صلاة الجمعة.
منبر نور الدين زنكي
واليوم عاد اليهود إلى فلسطين واحتلوا القدس ونجسوا المسجد الأقصى.. فمن له الآن؟ أين البطل الذي سيقوم بتحرير المسجد؟
ومن الذي يبني منبر صلاح الدين الجديد ليضعه في مكانه بعد التحرير؟
وأين هو صلاح الدين الذي يوحد الأمة ويقود الجيوش ويكمل الطريق؟
لقد أحضر صلاح الدين المنبر من حلب فمن أي عاصمة سيأتي منبر المسجد الأقصى الجديد؟؟