RSS

أيام (سايكس بيكو) الأخيرة

24 Apr

إعادة رسم خريطة المنطقة

يبدو أن الخريطة الإقليميَّة لمنطقة الشرق الأوسط ستشهد إعادة ترسيم، بعد اندلاع الانتفاضات الشعبيَّة من أجل الحصول على الحرية, بما يبتعد كل البعد عن اتفاقية سايكس بيكو (1916) وغيرها من الاتفاقات, التي تقسِّم منطقة الشرق الأوسط إلى دول منفصلة.

هذا عن الأخبار الجيدة، أما الأخبار السيئة فتكمن في احتماليَّة أن تشهد خريطة الشرق الأوسط في السنوات المقبلة دولا جديدة مثل جنوب السودان وكردستان وفلسطين، وربما برقة أيضًا في شرق ليبيا, والصحراء الغربيَّة في المغرب, وجنوب اليمن, بل من الممكن أن تنقسم سوريا إلى ثلاث دول للسنة, والعلويين، والدروز، وبالطبع تراقب إسرائيل عن كثب هذا التشرذم والانقسام وكيفيَّة الاستفادة منه؛ ذلك أن السياسة الخارجيَّة الإسرائيليَّة, حتى قبل قيام الدولة, كانت تتكئ دومًا على اصطناع وإذكاء روح المشاحنة بين الدول العربيَّة ونظيراتها الإسلاميَّة المجاورة، وحدوث انقسامات أكثر في المستقبل يعني سهولة المناورة بالنسبة لإسرائيل.

بيدَ أن إسرائيل والغرب مرتاعان فعلا مما يحدث في البلدان العربيَّة من ثورات وانتفاضات شعبية، قد تُفضي في النهاية إلى زوال كثير من عملائهما في المنطقة؛ لذا سارع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز إلى تحذير من أن “التغييرات الجذريَّة في العالم العربي تتطلَّب بذل كل الجهود الممكنة لتجديد محادثات السلام على الفور”!

لكن الغرب وصنيعته – إسرائيل- ينظرون إلى تداعيات هذه الثورات، وغيرها من الأحداث التي شهدتها المنطقة في العقد الأخير, آملين أن تزيد من انقسام الدول العربيَّة والإسلاميَّة إلى دويلات ومن ثم إضعاف شوكتها، راجين أن يتمَّ رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط في القرن 21 بشكلٍ مختلف, سواء عن طريق الحروب أو الانقسامات, يكمل ما بدأه الغزو الأمريكي للعراق قبل ثماني سنوات, حيث استطاع أن يسحق النظام المركزي, ويكون مناطق عرقيَّة متنازعة بدلا منه, وما حدث مؤخرًا من استفتاء على تقسيم السودان إلى دولتين في الشمال والجنوب.

في كتابه الجديد “كيفيَّة إدارة العالم” والذي نشر قبل ثورتي تونس ومصر, توقع باراج خانا, الباحث في مؤسسة أمريكا الجديدة, أن العالم سيضمُّ 300  دولة مستقلة, ذات سيادة في العقود القليلة المقبلة, في مقابل حوالي 200 دولة في الوقت الراهن, حيث يلاحظ “أن العديد من الدول التي تخلَّصت من الاستعمار تشهد منذ استقلالها نموًّا سكانيًّا لا يمكن السيطرة عليه, وتعاني من الدكتاتوريات الفاسدة والقمعيَّة, وتفكك البنى التحتيَّة والمؤسسات, كما تشهد استقطابا عرقيًّا أو طائفيًّا”, ويمكن أن تنطبق الأسباب ذاتها لتفسير التقلبات الحالية في الدول العربيَّة.

الإسلام اليوم 16/4/2011م

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *