RSS

الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين

09 Jul

(5) الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من مصر

الأستاذ محمد مهدي عاكف

أحداث متلاحقة.. كلها تؤثر في مسيرة الدعوة والحركة.. فقد تم الإعلان عن وفاة المرشد العام محمد مأمون الهضيبي.. الرجل الذي وصفه زملاؤه بأنه كان مثالاً  في الانضباط والحكمة، متفانياً في عمله، محباً لإخوانه، مهتماً لأحوال أمته، يتألم لآلامها ويفرح لفرحها، وكان حريصاً على متابعة أخبار العالم كله، وخاصة تلك التي تهم المسلمين.. والمسلمون اليوم يواجهون تحديات كبرى فقد وضعتهم قوى الاستكبار العالمي في قفص الاتهام.

ولم يكن أمام أحد من المسلمين، وخاصة إخوان الفقيد وأحباؤه، إلا التسليم بقضاء الله، والدعاء للفقيد بالرحمة والغفران.

وسرعان ما أُعلن أن الأستاذ محمد هلال المحامي هو من سيقوم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين إلى أن يختار الإخوان مرشدهم الجديد.. ولقد أعلن الأستاذ محمد هلال يوم 14 يناير 2004م أن إجراءات انتخاب المرشد العام الجديد قد تمت وفقاً لأحكام النظام الأساسي للجماعة وتم اختيار الأستاذ محمد مهدي عاكف مرشداً عاماً للإخوان.

وكما حزن الإخوان في أنحاء الدنيا لفراق مرشدهم الهضيبي.. الذي كان متميزاً بعطائه وحكمته.. فقد تفاءلوا بالمرشد الجديد.. الذي عرفوه في ساحات العمل المختلفة.

ذكرياتي مع المرشد الجديد

كنت أسمع عن الأستاذ عاكف من خلال مواقفه وهو مسؤول عن قسم الطلبة، وعن قوته في إدارة ملحمة الجهاد ضد قوات الاحتلال في القنال.. وعن جرأته أيام السجون والمعتقلات في كل العهود.. كنت اسمع عن ذلك.. ومع كل ملحمة يزداد جيلنا إعجاباً بهذه الدعوة المعطاء.. وبهذا الجيل الفريد الذي ربّاه الإسلام فأحسن تربيته وأوقد شعلة الحماس فيه الإمام الشهيد حسن البنا.. على هدي الدعوة الأولى.

أول لقاء لي مع الأستاذ عاكف فقد كان في الندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض، فقد كان مسؤولاً عن مخيمات الندوة التي أقامتها في مختلف أنحاء العالم.. وكنت عضواً في الأمانة العامة للندوة، وكان طبيعياً أن نلتقي ونتحاور ويزداد إعجابي بالرجل.. سمعت منه العبارة التي أثّرت في شخصيته وأثّرت فيّ كذلك وهي (من أراد الجنة فلا يرى لنفسه حقاً على أحد.. ولا ينقص من أقدارنا أن يهاجمنا بعض الناس، ويتهموننا بالباطل، ولكن الذي ينقص من أقدارنا هو أن نخطئ نحن..).

أكثر هذه المخيمات أثراً في نفسي كان مخيم جنة قلعة في تركيا الذي عقد في سبتمبر 1980 قبيل الانقلاب العسكري الذي قاده رئيس أركان الجيش التركي كنعان أفرين ضد مجموعة حزب السلامة الإسلامي الذي كان يتزعمه الدكتور نجم الدين أربكان.. أصرّت الحكومة التركية أن لا يحضر أربكان المخيم.. وأصرّت إدارة المخيم أن يحضر ويحاضر.. وعندما جاء وتحدث حصل زلزال في أرض المخيم من كثرة الهتافات والتحيات.. قلنا يومها هكذا تكون القيادة!

والتقيت مع الأستاذ عاكف في ميونيخ عندما أصبح مديراً للمركز الإسلامي هناك.. وعاكف بابتسامته المشرقة وهمته العالية ودأبه الذي لا نظير له.. حوّل هذا المركز الجميل الخامل إلى خلية نحل تضجّ بالحركة والعطاء.

وأهم هذه المواقف يوم جاءني لأعمل معه في قسم الطلاب.. وكنت متردداً لأسباب تخصني.. فأنا من الصنف الذي أعرف وأنكر.. وأقبل وأرفض.. وإذا كنت جندياً ألبي النداء.. وألتزم الصف في كل الظروف.. إلا أن طبيعتي هذه ألبّت عليّ الكثيرين.. احتضنني وطمأنني ولم أستطع أن أرفض،، وكل ما فعلته أن بكيت بشدة وهو يحتضنني.. لقد كان معي الأب والأخ معاً.

لقد صدق وعده.. وشعرت بالأمان معه.. ولم أشعر بمثل هذا الحنان منذ زمن طويل.. ومع الأمان كان العطاء الكبير الذي امتد على ساحات العالم وما زال يمتد.. والفضل في ذلك لله.. وللأخ الكبير محمد مهدي عاكف الذي يحسن التعامل مع أطياف الناس، يطمئنهم، ويستخرج منهم أقصى عطائهم.

وأصبح أربكان رئيساً للوزراء.. وأصبحنا معاً عاكف وأنا.. مسؤولين عن التجمعات الإسلامية في العالم.. نلتقي مع كل حركة أو حزب أو تجمع إسلامي في العالم.. ندرس أوضاعه، ونتعرف على مشاكله، ونعمل على حلها ما وسعنا الأمر..

ما أجمل تلكم الأيام التي قضيناها في استانبول.. يأتيني عاكف ماشياً فما زال يعتز بفتوته وشبابه وذكرياته.. نلتقي على ساحل بحر مرمرة الجميل نتذاكر في شؤون وشجون المسلمين..

كنت معه في المدينة المنورة قبيل اعتقاله الأخير بسبب حزب الوسط.. حدثني عن الحزب.. وأخبرني بأنه سيعتقل فور عودته.. هؤلاء هم صنّاع الأحداث لا يهربون من المعارك.. بل يواجهونها مع إخوانهم بمنتهى القوة والوضوح.

ويخرج الأستاذ عاكف من السجن.. ونتواعد على اللقاء في مكة المكرمة.. ألا ما أجمل السويعات التي قضيناها في رحاب الحرم.. فما زالت لذائذها تملأ جوانحي.. وما زال الحب الذي ربط قلبينا في أعلى درجات تألقه..

وأخيراً.. أعلنت القاهرة اختيار الأستاذ محمد عاكف مرشداً عاماً للإخوان المسلمين..

فهل أقول أنه اختيار موفق؟ هذا الأمر يعرفه جميع الإخوان على اختلاف مواقعهم ومستوياتهم وأعمارهم..

وهل أقول أنه شديد الاعتزاز بهذه الدعوة المعطاء المباركة؟ إنه تحصيل حاصل يعرفه ضباط السجون.. وقضاة المحاكم العسكرية.. ويعرفه الإخوان في العالم الذي التقى بهم الأستاذ عاكف في تطوافه عليهم.

وهل أقول أنه متفائل.. لا يعرف اليأس ولا القنوط؟ وهذه صفة يحتاجها كل قائد يتصدى للأمر الجلل..

وأخيراً هل أقول أنه يمثل بالنسبة لي الأخ والأب.. ويمثل اليوم المرشد العام الذي نؤدي إليه التحية ونقول له بلغته: حاضر أفندم؟

 
 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *