RSS

دور مجلة الدعوة في مساندة الشعب السوري

30 Jan

بقلم: السيد شعيب

عانى الشعب السوري كثيرًا من القمع والاستبداد على يد النظام البعثي النصيري الذي استولى على السلطة في مارس 1963م وسام الشعب السوري الأبي سوء العذاب، فكمم الأفواه، وصادر الحريات، وقتل وشرد الآلاف من السوريين الوطنيين، ومكن للصهاينة من احتلال الجولان، وأجهض القضية الفلسطينية.. إلى آخر المخازي والجرائم التي ارتكبها في حق الشعب السوري والشعوب العربية والإسلامية جمعاء.

وحجم المأساة التي تعرض لها الشعب السوري على يد نظام حافظ الأسد بداية من عام 1979م وحتى عام 1982م، لا تختلف في قسوتها وبشاعتها عما يشهده الشعب السوري الآن من قمع وإبادة على يد نظام بشار الأسد، فالقمع هو القمع، والتكتيم الإعلامي هو هو، والعصبية والدافع الانتقامي والحقد الأعمى هو هو، والالتجاء إلى شق الصف السوري وتأجيج الطائفية بين السوريين هو هو.

ولقد قامت صحافة الإخوان المسلمين في تلك الفترة التي صمتت بها الأبواق الإعلامية الرسمية عن رصد ما يجري بسوريا، وأغفلت الصحف القومية الحديث عن النكبات والمذابح التي تعرض لها الشعب السوري في فترة حافظ الأسد، قامت مجلة الدعوة الغراء بكشف جرائم النظام البعثي النصيري ضد الشعب السوري، ورصدت انتهاكات نظام الأسد في حق المناضلين السوريين.

سوابق حافظ الأسد

أفسحت المجلة لكتابها الحديث عن سوابق حافظ الأسد وجرائمه في حق السوريين؛ فكتب الأستاذ عبد المنعم جبارة (مجلة الدعوة العدد 51 السنة الثلاثون أغسطس 1980) عن سوابق حافظ الأسد قائلاً: “إذا كان الحكام المستبدون في عالمنا العربي والإسلامي هم الحكام المستبدون في العالم استخفافًا واستهتارًا بالشعوب ومصالحها وقضاياها، فإن نظام البعث النصيري في سوريا هو أكثر النظم المستبدة المتبجحة في عالم المسلمين والعرب استبدادًا واستخفافًا واستهتارًا بالشعب السوري العربي المسلم وأكثرها تبجحًا ووقاحة.

 حافظ الأسد

8% من الشعب السوري من النصيريين الذين طعنوا الإسلام والمسلمين في كل العصور، وتعاونوا مع جميع أعداء الإسلام في كل زمان منذ الغزو التتري إلى الغزو الصليبي وحتى الغزو اليهودي الذي تدعمه اليوم موسكو وواشنطن، هؤلاء يتحكمون في مصير الشعب المسلم استبدادًا وقهرًا وجبروتًا وعبثًا. ويريدون إخضاع الشعب السوري بالحديد والنار والتصفية الدموية والإرهاب، ويتبجحون فيزعمون أنهم دعاة الحرية وأنهم حققوا للشعب العديد من المكاسب والمنافع”.

كما أماط الأستاذ عبد المنعم جبارة اللثام عن أباطيل الإعلام السوري النصيري الذي يوعز لأبواقه أن تتسابق في إضفاء صفات لبطولة على حافظ الأسد وأعضاء حزبه الأبطال. ونعتهم بالإخلاص والتفاني في خدمة الشعب، والسهر على خدمته ومصالحه، ودعم أمنه واستقراره.. إلخ.

ومن الحقائق التي كشفها عن النظام البعثي أنه دأب على اختطاف العديد من الكتاب والصحفيين من بيروت بعد أن كتبوا مقالات اعتبرها النصيريون تهجمًا عليهم أو إساءة لهم، وإيداعهم السجون دونما تحقيقات أو محاكمات.

وبأمر من حافظ الأسد يجتمع مجلس الشعب للموافقة على مشروع مقدم منه لتشديد العقوبات ضد الإخوان المسلمين في سوريا. وقال رفعت الأسد: “إننا مستعدون لشن مائة حرب وتدمير مليون مخبأ والتضحية بمليون شهيد من أجل حماية الوطن، وإن الإخوان المسلمين يريدون إذلال سوريا ودفعها للاستسلام”.

ومعروف أن الإخوان المسلمين ليسوا وحدهم من بين قطاعات الشعب السوري العريضة التي ترفض النظام البعثي، بل إن الشعب كله قد أعلن رفضه للحكم الديكتاتوري والعميل، وأعلن إصراره على تحطيم القيود وكسر الأغلال، ولكن النظام السوري يشن حرب الإعلام والدعاية ضد الإخوان وحدهم.

كما قام الأسد بحل نقابات الصيادلة والمهندسين والمحامين؛ لاعتراضها على أسلوب الحكم القمعي وخنق الحريات وتعيين عملائه على رأس كل منها. وحين رفض المحامون والصيادلة والمهندسون الإذعان لهذه القرارات الجائرة جرت عليهم عمليات الاعتقال والزج بهم في السجون بتهمة الانحراف بالنقابات والخروج بها عن أهدافها.

من ناحية أخرى، ألقى الكاتب الضوء على علاقة النصيريين بالقضية الفلسطينية، موضحًا عدم إيمانهم بالعمل الفلسطيني المستقل عن المؤثرات الغربية والموالي للقضية الفلسطينية وحدها، ودأبهم على تفتيت العمل الفلسطيني وتحويل ولائه من الولاء للقضية الفلسطينية وحدها إلى الولاء للأسد ولنظامه.

أما عن علاقة الأسد بالدين فقد ذكر الكاتب أن حافظ الأسد يتمسح في الدين، ويتبع أسلوب التقية الذي يمارسه النصيريون، فلا مانع لديه من ولوج المساجد والتهجم على الإخوان المسلمين والشعب المسلم في سوريا باسم الدين.

وتحت عنوان “حافظ الأسد يتحالف مع الشيطان” ذكرت المجلة (العدد 51 السنة الثلاثون أغسطس 1980) قيام حافظ الأسد بتعزيز علاقته مع الحزب الشيوعي السوري لمواجهة ثورة الشعب السوري ضد حكم الاستبداد، ودلائل ذلك:

– موافقة طاغية سوريا على أن يقوم الحزب الشيوعي بإصدار صحيفة ناطقة باسمه.

– سماحه للحزب الشيوعي بتوسيع دعايته بين الطلبة، وهو ما كان ممنوعًا من قبل.

 – موافقته على أن يحمل أعضاء الحزب الشيوعي السلاح للدفاع عن أماكن الحزب بالمدن السورية المختلفة ضد الانتفاضة السورية.

كما كتب الأستاذ جابر رزق في (العدد 54 السنة 30 أكتوبر 1980) مقالاً بعنوان: “جرائم طاغية سوريا ضد الإسلام والمسلمين”، وعدد جرائم يندى لها جبين الإنسانية مثل تهريب الأموال إلى خارج سوريا ووضعها في البنوك اليهودية استعدادا ليوم الهروب، ونشر الإلحاد والكفر بين أبناء الشعب السوري، وانتهاك حرمات المساجد، واعتقال روادها؛ بل قتلهم وإرغام الصائمين على الإفطار.. وتمزيق المصاحف ووطئها بالأقدام.

أما أبرز الأعمال التي قام بها حزب البعث منذ استيلائه على السلطة في آذار مارس 1963م فهو: تصفية الجيش السوري، تدمير الاقتصاد السوري، وتشريد رءوس الأموال والخبرات الاقتصادية حتى عادت سوريا عشرات السنين إلى الوراء، وإشاعة الفوضى والانحلال الخلقي وخنق الحريات، وملاحقة رجال الفكر وحملة الأقلام، وتشريد الطاقات الفعالة المنتجة وكل الكفاءات العلمية والفنية، وشن الحرب الضارية على عقيدة الأمة وإيمانها، وتمزيق الشعب السوري، وتصنيف سكان سوريا إلى مواطنين من فئات متعددة، السكان من أصل عربي مواطنون من الفئة الأولى، السكان من أصل غير عربي (تركي أو شركسي أو تركماني أو كردي) مواطنون من الفئة الثانية.

حافظ الأسد وسقوط الجولان

كما وقفت المجلة طويلاً عند خيانة حافظ الأسد للقضية الوطنية بتسليمه الجولان لليهود، فهو الذي أذاع البيان المشئوم من إذاعة دمشق بسقوط الجولان قبل أن تطأها قدم أي جندي يهودي بسبع عشرة ساعة، وأصدر أوامره للجيش بالانسحاب الكيفي أي كل واحد ينسحب بالطريقة التي يراها، وقد تحدث زعماء البعث عن خيانة الأسد، وعن الأموال التي قبضها والمفاوضات السرية التي تمت بينه وبين العدو الصهيوني، وسجل هذا كله في كتب نشروها وتحمل أسماءهم.

 هضبة الجولان المحتلة

وهو الذي قتل الفلسطينيين في تل الزعتر، وتعاون مع الصليبيين في لبنان وحال بين الفلسطينيين والعمل الفدائي، وجرد الشعب السوري من السلاح حتى وصلت جيوش العدو الصهيوني إلى مشارف دمشق.

وفي هذا الصدد كتب الأستاذ جابر رزق مقالاً بعنوان “سقوط الجولان وخيانة حافظ الأسد (مجلة الدعوة العدد 53 السنة 30 سبتمبر 1980) استعرض فيه كتاب “سقوط الجولان” الذي ألفه ضابط استخبارات الجولان خليل مصطفى بريز تضمن الكثير من الأدلة والبراهين والشواهد على خيانة حزب البعث السوري الحاكم الذي ينفذ المخطط الصليبي اليهودي في المنطقة بعد أن ورثته الطائفة العلوية النصيرية الحاقدة وصبغته بصبغتها، وبين خطة حزب البعث للتمكين للمخطط الصهيوني في المنطقة.

أخبار وتطورات الثورة السورية

تابعت المجلة أخبار الثورة السورية وأخبار المجاهدين السوريين، فأوردت أنباء عن انحياز أفراد من القوات المسلحة إلى صفوف المجاهدين من الشعب السوري، وأبرزت الإضرابات العامة في حلب وحماة والمعرة والباب وإعزاز لمدة خمسة عشر يومًا، وأعمال العنف وأعداد القتلى.

ومن الأخبار الأخرى التي أوردتها المجلة، قيام السلطة بنقل ما يقرب من خمسين ألف عسكري مع ألف دبابة مجنزرة ومئات السيارات حاملات الجنود وعدد من طائرات الهليكوبتر إلى حلب وحماة، وقطع وسائل الاتصال بين حماة وأي مدينة أخرى.

كما أبرزت المجلة الاستقالات الجماعية من قبل بعض أساتذة الجامعات بحلب؛ احتجاجًا على اعتقال خمسة من بينهم. كما خرجت مظاهرات صاخبة في المدارس والجامعات؛ احتجاجا على قتل أحد أساتذة جامعة حلب وهو الدكتور حسن محمد حسين.

– مصادرة المحلات التجارية في المدن السورية، وانتهاك أعراض النساء السوريات أثناء عمليات التمشيط والتفتيش التي تقوت بها قوات النظام.

– قيام السلطة بقتل نقيب الأطباء في حماة، وكذلك نقيب المحامين خضر الشيشكلي، وقبل قتلهما فقئوا أعينهما ثم رشقوهما بالرصاص.

– قيام النظام البعثي بارتكاب مذبحة جسر الشغور التي راح ضحيتها أكثر من 400 شهيد من الشيوخ والرجال والنساء والأطفال.

– حذرت المجلة من محاولة اختطاف الثورة السورية وسرقتها، حيث تم تشكيل جبهة وطنية من خارج سوريا لإسقاط نظام الطاغية حافظ الأسد، وكان يرأس الجبهة مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة، ولا يستبعد أن تكون المخابرات الغربية من وراء تكوينها لخطف ثمار الثورة من أبطال ثورة سوريا الحقيقيين، وهم الإخوان المسلمون الذين قدموا تضحيات ضخمة، وهم يناضلون من داخل سوريا لإسقاط نظام الطاغية، وليسوا مجرد معارضين يقيمون في الخارج.

وحوت المجلة في أعدادها مقالات كثيرة وتغطيات واسعة عن الثورة السورية، من ذلك “الشعب السوري يجاهد لإسقاط الحكم البعثي النصيري”. “مجلة النذير صوت المجاهدين السوريين”، “طاغية سوريا حذاء مؤقت لروسيا”، “المجاهدون يوقعون خسائر فادحة في عملاء البعث” “تحقيق خاص بالدعوة من داخل سجون سوريا” كشف هذا التحقيق عن أساليب التعذيب الوحشية التي يستخدمها النصيريون ضد الشعب السوري، ونشر صور جثث الشهداء، وأكاذيب الإعلام البعثي ضد الإخوان المسلمين، “تشكيل الجبهة الإسلامية في سوريا أكبر رد على السلطة الباغية” بقيادة العالم السوري الشيخ محمد أبو النصر البيانوني”، صور من بطولات المجاهدين السوريين ضد السلطة النصيرية الباغية”، “زبانية السلطة يقتل بعضهم بعضًا”، “سفاح سوريا حول المستشفى إلى مسلخ بشري”، “رئيس سوريا أسير روسيا”، “حديث مع أمين الجبهة الإسلامية بسوريا”، “صور من بطولات المجاهدين السوريين في حلب”.

وفي صفحة “وطننا الإسلامي” أفردت المجلة على صفحاتها حوار مع أحد المجاهدين السوريين، الذي أوضح أن الثورة السورية ليست في حلب وحماة فقط، ولكنها امتدت لتشمل كل المحافظات السورية في إدلب وجسر الشغور وأريحا وجبل الزاوية واللاذقية وحمص ودمشق وغيرها.

كما أشارت إلى تكاتف السوريين في مواجهة النظام، وتحدثت عن التلاحم بين فئات الشعب السوري المختلفة؛ الصوفي والسلفي والإخواني والتبليغ والعلماء وأئمة المساجد وزعماء الأحياء والنقابات المهنية ضد النظام البعثي، لا يشذ من ذلك إلا الشيوعيون الذين يتعاونون مع السلطة النصيرية الفاسدة.

كما أبرزت المجلة موقف الشيخ عبد العزيز بن باز من الثورة السورية داعيًا المسلمين في كل مكان لمد يد العون والمساعدة بكل سبيل ممكنة.

مذبحة سجن تدمر أو مجزرة الألف سجين

ومن المذابح الجماعية التي كشفتها المجلة مذبحة سجن تدمر التي ارتكبها نظام الأسد في حق صفوة من السوريين، ففي صباح يوم الجمعة 27/6/1980 توجهت 12 طائرة هليكوبتر تابعة لسرايا الدفاع والوحدات العامة من مطار حماة إلى سجن تدمر الصحراوي؛ حيث المعتقل الكبير للإخوان المسلمين والضباط السنيين فأخرجوا كافة المعتقلين ثم أطلقوا نيرانهم الرشاشة عليهم فاستشهد ما بين 800 إلى 1000 معتقل، وأكثرهم من الضباط وحملة الشهادات العليا من الأطباء والمهندسين والصيادلة والمحامين والقضاة والمدرسين والطلاب، ثم قامت السلطة الباغية بحفر حفرة كبيرة ودفنت جثث الشهداء مع الجرحى وهم أحياء وهالت عليهم التراب بواسطة جرافتين.

ومن الجدير بالذكر أن المجرم رفعت الأسد هو الذي قاد عملية المجزرة وكان يطلق بنفسه النيران على المعتقلين من طائرة هليكوبتر.

ومن أجل تغطية هذه الجريمة المنكرة زعمت السلطة أن هناك محاولة هرب من سجن تدمر قضي عليها. كما قامت السلطة الغاشمة بتشكيل ما أسمته المحاكم الميدانية العسكرية لإصدار أحكام مزورة بحق هؤلاء الإخوة الشهداء.

مؤتمرات للإخوان في محافظات مصر لمساندة الشعب السوري

وفي جميع محافظات مصر كان الإخوان المسلمون يعقدون المؤتمرات لمناصرة الشعب السوري وتعريف الناس بمعاناة إخوانهم السوريين وجرائم النظام البعثي في سوريا، من هذه المؤتمرات المؤتمر الذي عقده الإخوان في الجامع الأزهر وحضره الأستاذ عمر التلمساني والأستاذ مصطفى مشهور والشيخ محمد الغزالي وكوكبة أخرى من العلماء، تناول المؤتمر دور المسلمين في نصرة الشعب السوري، وكشف حقيقة الطائفة النصيرية التي ينتمي إليها حافظ الأسد، وتاريخ حزب البعث. وأقيم معرض صور للمذابح التي تعرض لها الشعب السوري.

وفي مؤتمر شبين الكوم في المنوفية، انتهى المجتمعون إلى قراراته وتوصياته أهمها:

– حثّ المسلمين في جميع أنحاء العالم على إعداد أنفسهم للجهاد في سبيل الله بأنفسهم وأموالهم ودعم إخوانهم في سوريا بالمال.

– مقاومة التعتيم الإعلامي الذي يصاحب قضية الثورة السورية، فكل مسلم يتحدث عن هذه الثورة بكل وسيلة.

– على الشعوب الإسلامية أن تضغط على حكوماتها لمناصرة هذه القضية.

– الاتصال بالهيئات الدولية والكتابة إليها؛ لتتخذ موقفًا واضحًا مما يحدث للشعب السوري.

وفي الأخير تنبأت المجلة بالنهاية المحتومة لحافظ الأسد ونظامه، ذلك الطاغية الذي أصدر قانونًا لم يسبق له مثيل بالحكم بالإعدام على كل من يثبت أنه من الإخوان المسلمين.

هذه صفحات من الماضي القريب تحمل في طياتها حقائق عن النظام البعثي القائم في سوريا، وتجيب عن تساؤلات كثيرة عن أسباب قمع البعثيين للشعب السوري، وأسباب صمود الشعب السوري ضد النظام القائم، وخلفيات الموقف الروسي المؤيد لنظام الأسد، وجهود الإخوان المسلمين في نصرة الشعب السوري الشقيق.

إخوان أون لاين 8/1/2012م

 
 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *