RSS

العرب والسودان

08 Oct

د. محمد صالح المسفر

صرخة عربية صادقة أتوجه بها إلى الحكام العرب، أنقذوا السودان قبل أن يتمزق إلى كيانات سياسية فاشلة تقودها وتوجهها صهيونية عالمية وعليكم انتم العرب تمويل حياة تلك الكيانات الفاشلة. نبهتكم كغيري من أهل الرأي والقلم قبل عام 2003 بان العراق إذا تم إسقاط نظام صدام حسين رحمه الله بالقوة المسلحة من قبل دول أجنبية فستكون دول الخليج العربية الأكثر’تضررا، وان العالم العربي سيكون خاضعا لإرادة أمريكية إسرائيلية فلم تستبينوا النصح في ذلك الزمان.
هذا العراق تم احتلاله وتقسيمه دون إعلان وهذه الكويت تعاني امنيا وسياسيا واجتماعيا وكذلك البحرين وفي بقية دول الخليج العربي خلايا ناعسة تتحين الفرص، تترقب نتائج ما سيحدث في المنطقة وعلى وجه التحديد إيران. أمريكا وإيران ستتعاونان على تقاسم النفوذ في العراق على حساب العرب، وانتم يا معشر الحكام العرب كان لكم اليد الطولى لتمكين الاحتلالين للعراق يتم تجاهلكم من قبل امريكا. 

اليوم السودان في طريقه إلى التمزق والتفتيت وانتم على الأرائك متكئون، بياناتكم وتصريحاتكم في الأمم المتحدة والمؤتمرات غير مجدية ما لم تقرن بالأفعال الصادقة والرادعة لكل من يتآمر على وحدة السودان واستقلاله. اسمعوا ما يقوله وزير الأمن الإسرائيلي الاسبق (آفي دخيتر) قال في محاضرة أمام نخبة من القيادات الصهيونية في 10/10 من العام الماضي: ‘إن السودان بالنسبة لإسرائيل لا بد أن يمزق لكي يضعف ويصبح مثل العراق، لان السودان أصبحت به نهضة ومن الممكن أن يصير قوة لصالح دول عربية مثل مصر والسعودية مما يسبب مشاكل كبيرة لإسرائيل’ شركات إسرائيلية استثمارية في قطاع الفندقة اندفعت نحو جنوب السودان المرشح للانفصال، وبلغت استثماراتها حتى اليوم ما يقارب 500 مليون دولار، هذه الشركات مسجلة في كينيا وأوغندا للتمويه، وأسست مكاتب لحركات معارضة أخرى من دارفور في تل أبيب ترعاها وتمولها إسرائيل. إن كل ما يجري من اعمال تفتيت وتجزئة للسودان سيعود بالضرر الكبير على مصر والسعودية واليمن والبحر الأحمر الذي يجب أن يكون بحيرة عربية خالصة، وكذلك القرن الأفريقي على وجه العموم.

دولة قطر تقوم بدور كبير في تحقيق الأمن والسلم الاجتماعي والتنمية في ولاية دارفور ليست لها أهداف أو برامج سياسية في السودان، أولا للبعد الجغرافي بين الدولتين الأمر الثاني لا توجد مصالح خاصة للنظام السياسي القطري في السودان، إنما أهدافها واضحة ومحددة ومعلنة وهي تحقيق الانسجام الاجتماعي بين سكان ولاية دارفور، والمحافظة على استقلال السودان عامة ووحدة ترابه الوطني، فشدوا من أزر قطر وتعاونوا معها في هذا المجال ولا تذهب بكم الغيرة والأحقاد إلى مسارات تضر بالسودان ولا تنفعكم.

إن دولة قطر قدمت الحلول العملية لتسريع عملية إحلال السلام في دارفور انطلاقا من مفهومها أن الحاجة للتنمية هي أس المشكلة، وبما أن موارد الدولة السودانية في ظل الظروف الراهنة متعثرة أعلنت دولة قطر تأسيس بنك لتنمية دارفور برأسمال قدره مليار دولار والمساهمة فيه مفتوحة لكل من يهمه أمر السودان وذلك من اجل إعادة اعمار دارفور وتحقيق التنمية الشاملة في تلك الولاية وغيرها. لقد أشار أمير دولة قطر ـــ في خطابه أمام الاجتماع الدولي رفيع المستوى بشأن السودان الذي عقد في نيويورك على هامش اجتماعات الدورة 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة بدعوة من الأمين العام للمنظمة الدولية ـــ إلى أن الدول التي أعطت وعودا لتقديم مساعدات للتنمية وإعادة الاعمار في الجنوب لم تنفذ، وانه يحض جميع الدول التي أعطت وعودا لتقديم مساعدات لإعادة اعمار المنطقة أن تفي بالتزاماتها.

لقد نبه أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى أهمية حل مشكلة دارفور قبل إجراء عملية الاستفتاء المقرر إجراؤها في جنوب السودان مطلع العام القادم لاعتقاده بان نتيجة الاستفتاء ستؤثر على الجهود المبذولة من اجل تحقيق السلام في دارفور. 

في الأيام القليلة الماضية رددت وسائل الإعلام العربية والدولية أن جماعات مسلحة في ولاية دارفور تطالب بإجراء استفتاء في الولاية، وكذلك عناصر مسلحة أخرى في جبال النوبة أثارت ذات المطالب أسوة بما يحدث في الجنوب. إننا نواجه مشاكل متعددة، إن ظاهرة الاستفتاء لمصير سياسي لولاية من ولايات اي دولة عربية أو محافظة أو امارة مرض سياسي معد بدأ في العراق على اثر الحصار والاحتلال وسوف يعم الوطن العربي فكل الدول العربية الكبيرة معرضة لهذا المرض السياسي الخطير وعلينا جميعا حكاما ومحكومين بمحاصرة هذا الوباء السياسي قبل أن يستفحل أمره انطلاقا من السودان.

آخر القول: الوطن العربي في خطر التجزئة والتفتيت، والسودان في وضع اخطر، وكل أماني المواطن العربي ألا يكون حال حكامنا كحال ملوك الطوائف يخسرون الوطن والجاه والسلطان.

القدس العربي 28/9/2010م

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *