RSS

الدولة المارونية في مذكرات موشيه شاريت

17 Aug

(5) الدولة المارونية في مذكرات (موشيه شاريت) – من سلسلة خواطر حول العالم – خواطر من لبنان

المشروع الإسرائيلي لتقسيم لبنان قديم، بل هو سابق على قيام الدولة الصهيونية. فغداة الحرب العالمية الأولى تقدم قادة الحركة الصهيونية بمشروع إلى مؤتمر السلام في باريس، عام 1919م يطالبون فيه بوطن قومي تصل حدوده إلى نهر الليطاني. غير أن هذه الحدود لم تحظ وقتذاك بموافقة أحد.

وبعد ست سنوات من قيام إسرائيل عاد الحلم القديم يراود ثلاثة من كبار قادتها: دافيد بن غوريون، وبنحاس لافون، ورئيس الأركان موشيه ديان.

فقد طلب هذا الثلاثي التوسعي إلى موشيه شاريت، رئيس الوزراء عام 1954م غزو لبنان، بل وأكثر من ذلك عرض عليه بن غوريون، كما يتضح من رسالته المنشورة أدناه السعي لإقامة كيان انفصالي في حدود لبنان الصغير.

موشيه شاريت

لنقرأ نص الرسالة الهامة، كما وردت في مذكرات موشيه شاريت التي نشرها ابنه يعقوب بالعبرية مؤخراً.

موشيه: حين تركت الحكومة، كنت قد اتخذت قراراً بعدم التدخل في الشؤون السياسية الخارجية. غير أن اتصالكم بي، أنت ونافون وديان جعلني أشعر بأن من واجبي الاستجابة لطلبكم، ولهذا فإنني سأعاود الحديث عن موضوع لا تشاركني الرأي فيه، وأعني موضوع لبنان..

(…) من الواضح أن لبنان يشكل الحلقة الأضعف في سلسلة الجامعة العربية، فباستثناء الأقباط فإن سائر الأقليات في الدول العربية تنتمي إلى الإسلام. إلا أن مصر هي أكثر البلدان تماسكاً وصلابة كدولة في العالم العربي، كما أن أكثريتها الساحقة تكوّن كتلة متجانسة تنحدر من عرق واحد، وتعتنق ديانة واحدة، وتتكلم لغة واحدة أيضاً، ولذلك فإن الأقلية المسيحية في مصر لا تستطيع عملياً أن تطالب بإعادة النظر في الكيان السياسي أو الوطني. ولكن هذا لا ينطبق على المسيحيين في لبنان، فهم يمثلون الأغلبية ضمن حدود لبنان التاريخي. ولهذه الأغلبية تراث وثقافة مغايران تماما لتراث وثقافة سكان الدول العربية الأخرى. حتى في حدود (لبنان) الحالية الموسعة (والتي ارتكبت فرنسا خطأً فادحاً جداً في توسيعها)، فإن المسلمين لا يتمتعون بحرية الحركة خوفا من المسيحيين على الرغم من أنهم ربما يشكلون الأغلبية العددية.

لذلك فإن إقامة دولة مسيحية يُعدّ ضمن هذه الملابسات أمرا طبيعياً. فلدولة كهذه جذور تاريخية وأمل بدعم واسع من قوى هامة في العالم المسيحي بجناحيه الكاثوليكي والبروتستانتي.

(…) وطبعا فإن مثل هذا المشروع يبدو متعذرا في الظروف الطبيعية، بسبب انعدام المبادرة والشجاعة لدى المسيحيين، ولكن في ظروف الاضطرابات والثورات والحروب الأهلية، تتبدل الأشياء ويتحول الضعيف إلى بطل. ومن الممكن أن تكون اللحظة مواتية اليوم لافتعال قيام دولة مسيحية إلى جانبنا. ولكن الأمر لن يتحقق إلا بمساعدتنا وبمبادرتنا. وأعتقد أن هذه هي مهمتنا الأساسية في الوقت الراهن أو هي على الأقل إحدى المهام الأساسية لسياستنا الخارجية. وعلينا بذلك بذل ما بوسعنا من طاقة وجهد والسعي بكافة الوسائل لاستحداث تغيير جوهري في لبنان.

(…) ويجب ألا نبخل بالدولارات، حتى لو ظهر أننا ننفق المال على غير طائل (…) إذ بدون تقليص حدود لبنان، فإن هذا المشروع مستحيل التحقيق. غير أننا إذا استطعنا أن نجد في لبنان العناصر والأفراد المستعدين للعمل على إقامة دولة مارونية، فإن هؤلاء لن يكونوا بحاجة إلى حدود جغرافية واسعة ولا إلى عدد كبير من السكان المسلمين.

لست أعرف ما إذا كانت لنا عناصر موالية في لبنان، ولكن ثمة دائما وسائل متنوعة لتحقيق ما أقترحه.

1984/3/19م

 
Leave a comment

Posted by on August 17, 2013 in خواطر حول العالم

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *