RSS

الإخوان وصلوا المالديف

07 Mar

د. محمد سعد أبو العزم

 أعترف بأنى لم أكن أتوقع مقابلة مواطنين من المالديف ينتمون إلى حركة “الإخوان المسلمين”، كما أعترف بأنى شعرت بالمفاجأة عندما وجدتهم جميعًا يحملون نفس الفكر والرؤية، وكأنهم جميعًا قد شربوا من نفس الكأس، التى سبقهم إليها الإخوان المسلمون فى مصر، وبالرغم من أن زيارتى للمالديف كانت زيارة عمل بحتة، ولا يوجد فيها أى ترتيبات للقاءات سياسية، ولكن شاءت الأقدار أن ألتقى برئيس حزب العدالة، ونائبه، والمكتب التنفيذى للحزب الذى تم تأسيسه فى العام 2005، وذلك بعد السماح بالتعددية السياسية، رئيس الحزب هو السيد (عمران عبد الله) وهو يتحدث اللغة العربية بطلاقة، نتيجة دراسته الجامعية فى الخليج، وكذلك الأمر بالنسبة لنائبه الدكتور (معروف حسين)، وهو واحد من أمهر الأطباء فى الدولة، يلفت انتباهك بشدة انخفاض معدل أعمار قيادات الحزب، فلا يوجد فيهم من تجاوز الأربعين عامًا.

وبالرغم من قصر عمر الحزب، إلا أنه خاض العديد من المعارك والتجارب السياسية، التى كان أبرزها المشاركة فى حكومة الرئيس السابق (محمد نشيد)، من خلال تولى وزارة الشئون الدينية عام 2009، حيث تمكن الحزب فى هذه الفترة من تغيير الكثير من المفاهيم المغلوطة، وتطوير أوضاع البلاد التى تفتقر بشدة إلى الكثير من الإمكانيات، فكان أول أنشطة الوزير (عبد المجيد عبد البارى) هو الاجتماع مع المسئولين فى وزارة التربية والتعليم، بهدف تطوير المناهج التعليمية، من خلال مناهج تواكب العصر الحديث، وتحافظ فى نفس الوقت على الهوية الإسلامية، وكذا تدريس مادة القرآن الكريم فى جميع مراحل التعليم حتى نهاية مرحلة الثانوية، ومن اللافت أيضًا أن الوزارة قامت بتطوير خطبة الجمعة إلى خطب حية تعالج القضايا المعاصرة، والمشاكل الموجودة فى المجتمع، فسمحت -لأول مرة فى تاريخ المالديف- بإلقاء خطب ارتجالية لمن لديه المقدرة على ذلك، وتسعى الوزارة لإنشاء قناة تليفزيونية هادفة، كما أنها تسعى لإنشاء بنك إسلامى، بالإضافة إلى قيامها بجمع الزكاة وتوزيعها للمستحقين، حيث زادت أموال الزكاة بنسبة 80%.

حزب العدالة كان له دور بارز فى الثورة، التى قامت فى المالديف منذ أسابيع وأسفرت عن تنحى الرئيس (محمد نشيد)، وتولى نائبه (محمد وحيد) زمام الأمور، فبعد عامين من وصول (نشيد) إلى السلطة بدأ فى إقصاء الجميع، واتخاذ قرارات منفردة بديكتاتورية شديدة، وزاد الطين بلة، قبوله بالتطبيع مع إسرائيل، والسماح بالدعم الطبى من الكيان الصهيونى، واكتملت المأساة حينما قام بإلقاء القبض على أحد أشهر القضاة المشهود لهم بالنزاهة، حيث تسببت كل هذه الأحداث فى تقديم الكثير من الوزراء استقالتهم، وكان أولهم وزير الشئون الدينية، لتبدأ الاحتجاجات فى التصاعد تدريجيًا، حيث كانت الثورة المصرية مصدر إلهام كبير لكل المالديفيين، فتم تحديد يوم 23 ديسمبر الماضى كموعد لجمعة الغضب، وفيها خرج كل الشعب للتعبير عن رغبته فى تغيير النظام، حتى تحقق لهم المراد فى النهاية، وبدأت مرحلة جديدة فى تاريخ البلاد، يواجه فيها حزب العدالة الكثير من التحديات، فهو سيشارك فى حكومة إنقاذ وطنى من خلال توليه وزارتى الإسكان والشئون الدينية، وهم يحملون العديد من الآمال والطموحات لتنمية وتطوير بلادهم، التى تحتاج الكثير.

صحيح أن لكل مجتمع خصوصيته التى ينفرد بها، وتظل علامة مميزة لشخصيته، ولكنى من دون شك سأظل أحمل الكثير من الذكريات والمشاعر الفياضة لهذا الشعب الطيب، الذى اقتربت منه فوجدته نموذجًا للبراءة، والبساطة، والحماس، فقط يحتاج لمن يأخذ بيديه وينهض به، وهى الرسالة التى أحملها على لسان كل مالديفى: “أرجوكم لا تنسونا.. فنحن نستحق أفضل من ذلك”.

المصريون 29/2/2012م

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *