RSS

!مذابح الغرب للمسلمين

03 Feb

سعد عبد المجيد

 مثلما يستخدم ساسة أمريكا ادعاء وقوع مذبحة للأرمن فى تركيا العثمانية، لجذب أصوات الأمريكيين الأرمن، يقوم ساسة أوروبا أيضاً بنفس الانتهازية، خصوصًا فى موسم الانتخابات.. هذا هو بالضبط الذى يحدث اليوم فى فرنسا، فالرئيس ساركوزى لديه رغبة واضحة فى البقاء بالحكم لفترة رئاسية أخرى.. وبما أن السياسة فى العالم الغربى، رغم كل هذا التقدم العلمى والتكنولوجى وثورة الاتصالات، لا تختلف فى توجهاتها عن أساليب الاستغلال الرأسمالى والاستعمارى للإنسان والجماد، أو شن الحروب الضروس ضد العالم الإسلامى وشعوبه لنهب ثرواتها الطبيعية، يستخدم الرئيس الفرنسى ساركوزى أكذوبة وقوع مذبحة للأرمن فى تركيا العثمانية(15-1916) ليطلب من البرلمان الفرنسى إصدار قانون تجريم إنكار وقوع مذبحة للأرمن.. الهدف الساركوزى هو: كسب ود وخاطر أرّمن فرنسا، ليصوتوا له فى الانتخابات.. لكن ساركوزى ينسى بعض الحقائق الهامة أو ربما يعرفها ولكنه يتغاضى عنها، لأن مقعد الرئاسة والحكم، أهم من كل القيم والمبادئ الفرنسية، التى ثار من أجلها الفرنسيون قبل قرنين من الزمان.

من بين هذه الحقائق أن الدولة العثمانية هى التى احتضنت يهود إسبانيا ووطنتهم على أراضيها فى القرن الـ 15، لتنقذهم من المذابح ومحاكم التفتيش الإسبانية.. نفس الأمر حدث لكثير من يهود أوروبا فى القرون الوسطى الذين نجوا من مذابح القارة الأوروبية، ولم يجدوا لهم مكانًا غير بلاد المسلمين.. هذا يعنى أن أجداد ساركوزى -هم من اليهود- فتحت لهم الأبواب فى العصر العثمانى، لكى يسكنوا بلاد المسلمين.. أما فى الحرب العالمية الثانية التى فجرها ساسة أوروبا وقتل فيها الملايين، فرّ اليهود للبلاد العربية أيضاً، ومنها فلسطين، أى بلاد المسلمين.. فهل يجرؤ ساركوزى على تجريم مذابح الإسبان لأجداده؟

الحقيقة الثانية بخصوص الأرمن هى: أن الاضطرابات خلال الحرب العالمية الأولى (14-1919)، اندلعت من طرف قادة أوروبا، ليقتل فيها الملايين فى مذابح مروعة، مما أجبر مجموعات كبيرة من الأرمن – كموقف تقوم به أى مجموعة بشرية دون النظر لدينها أو عرقها – للهجرة نحو بقية أراضى الدولة العثمانية البعيدة عن لهيب الحرب، أى سوريا وفلسطين ولبنان ومصر.. فإذا كان العثمانيون ذبحوا الأرمن فى الأناضول التركى، كما يُدّعى، فلماذا يتوجه الأرمن المهاجرون لأراض وبلدان تقع تحت سيادة العثمانيين؟ ليس الأرمن وحدهم، بل تعرضت أعداد ضخمة متنوعة من البشرية، لويلات الحرب العالمية الأولى التى أشعل نيرانها قادة أوروبا.. وإذا كان الأرمن آنذاك، من أعداء الدولة العثمانية، فهل من المعقول أن يُستقبلوا فى أراضى الدولة من المسلمين، وتفتح لهم الصدور والأيادى، لكى يعيشوا بكل حرية وسط البحر الإسلامى؟

طبقًا للحقائق التاريخية، وهى مدونة بالوثائق، ذُبح حوالى ربع مليون مسلم عثمانى فى موقعة شناق قلعة عند مضيق الدردنيل على أيدى القوات الغربية، فى نفس الفترة، وهم يدافعون عن بلادهم، وكذا قتل آلاف فى مدن تركيا على رأسها إسطنبول وإزمير.. كما أن ساركوزى يتجاهل ما قام به أجداده من الفرنسيين من مذابح فى مصر والجزائر وسوريا ولبنان خلال الاحتلال الفرنسى للوطن العربى، فى نهاية القرن الـ 18.. فلماذا لم يحث على إصدار قانون يُجرّم هذه المذابح الموثقة، ويذهب ناحية أكذوبة لا أساس لها؟! إنها عقلية الاستغلال والانتهازية التى يتربى عليها الإنسان الغربى.. وكأن حاله يقول: لماذا لا أستخدم هذه الأداة لجذب الناخب، ما الذى يعنينى من الأمر، غير صوت الناخب ولتذهب المبادئ والقيم الغربية للجحيم، إذا وقفت أمام طموحاتى فى الحكم؟! ألم يذبح الرئيس الأمريكى جورج بوش المسلمين فى أفغانستان(2001) والعراق (2003) بالملايين، وخرّب بلادهما، ودمر استقرارهما، ولا تزال قوات العالم الغربى تحتل البلدين؟ بهذه الاستغلالية، ما الفرق إذن بينهما وبين القذافى أو على عبد الله صالح أو بشار الأسد أو حسنى مبارك، فى التمسك بالحكم على حساب دماء شعوبهم؟

الشىء العجيب أن ساركوزى يغض الطرف عن مذبحة ارتكبها الأرمن أنفسهم ضد المسلمين بأذربيجان، بالأمس القريب فى منطقة “خُوجَلى” بأذربيجان، فقط، كانت فى عام 1994، ولم تكن قبل قرون؟! ومن العجب العجاب، أن ترفض أرمينيا المدافعة بحرّقة عن أرمن العالم، المشاركة فى لجنة تاريخية مشتركة تقوم بالاطلاع على الأرشيف العثمانى والأرمنى وحتى الغربى لكشف الحقائق (!) ألم تذبح الآلة العسكرية الغربية المسلمين فى غزه قبل 4 سنوات فقط، وعلى الهواء مباشرة، أمام عيون العالم، ومن قبل فى صابرا وشاتيلا وقانا (لبنان) ودير ياسين(فلسطين) وفى البوسنة (1995) وفى الحروب الصليبية؟ فمن يعترف بمذابح الغرب الحقيقية ضد المسلمين؟

المصريون 27/1/2012م

 
 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *