RSS

سقط بعد تاريخ حافل بالافتراءات على الله ورسوله

01 Sep

يحيى البوليني

لم يدر بخلد أحد أن يمنّ الله على الثوار الليبيين بالنصر وتحرير باقي أرجاء ليبيا، ودخولهم طرابلس في هذه الأيام التي يحتفل بها المسلمون في كل مكان بانتصار النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام بفتح مكة، ودخولها دخول الأبطال الفاتحين بعدما أُخرجوا منها وحُرموا من دخلوها ثماني سنوات. فالحمد لله العزيز الجبار القائل في كتابه: ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)( آل عمران-26)، فحتى أخيراً كانت تذاع على القنوات كلمة مسجلة للطاغية يهدد ويتوعد ويطالب الجماهير بالخروج ومطاردة الثوار حجرة حجرة كما قال، ولم يدرِ أن نهاية ظلمه وجبروته قد حانت ولم يبق له إلا سويعات قلائل، إنها الإرادة الإلهية التي تقول للشيء كن فيكون ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)( القصص-5).

ما أعظم هذه البشرى! وما أعظم هذا النصر الذي تحقق في هذه الأيام الفاضلة! وما أعظم نعمة الله سبحانه الذي وعد وصدق ونصر المستضعفين المؤمنين على الجبارين المتغطرسين! فقال سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور-55).

استخفاف بالدين

نصرهم الله سبحانه على ذلك العدو الذي حادّ الله ورسوله، والذي استخف بالإسلام وبأحكامه وأوامره ونواهيه، فقال – عليه من الله ما يستحق – عن الصلاة: (الصلاة؛ لم أعد أصليها جهراً مثلكم، لأن الطبيب يوصيني بعدم إجهاد رقبتي أكثر من هذا، وربما بعضكم رآني أصلي المغرب والعشاء سراً، لا أستطيع أن أصليهم كل يوم جهراً من كثرة الكلام الذي أقوله لكم)!! وقال عن الصيام: (الصيام يومياً خسارة.. هو عذاب ما في ذلك شك، من الذي يقول: الصيام هذا راحة؟ ولا حاجة تُقبل؟ إنه حاجة صعبة وحاجة مكروهة)!!

تطاول على العبادات

وقال عن الحج: (أما الذي يذهب ليؤدي الشعائر التقليدية حول الكعبة وحول الصفا والمروة وعلى جبل عرفات، إنما هو يمارس في هذه الحالة عبادة ساذجة ليست هي التي أرادها الله)!!

وقال عن الكعبة: (إن الكعبة هذه هي آخر صنم مازال باقياً من الأصنام)!!

وقال عن رمي الجمار: (ترجمون الحجرات؟! كان يجب أن ترجم الصهاينة في فلسطين، كل واحد منا يحمل سبع حجرات ويذهب بها إلى فلسطين، هذا هو الجهاد، هذا هو رمي الجمرات.. ماذا تعني: ترمي سبع جمرات على تمثال؟)!!

تكذيب المعراج

وكذب حادثة المعراج فقال: (لا يوجد في القرآن حاجة اسمها المعراج إطلاقاً، خاصة في مسألة الإسراء، وليس هناك أي مصدر لحكاية المعراج تعتمد عليه.. ولو كانت حادثة المعراج وقعت بالفعل أو فيه شيء اسمه المعراج لكان القرآن ذكرها.. هذه القصة الخيالية التي تُسرد دائماً على ألسنة الفقهاء ليس لها ما يدعمها من مصدر وحيد للمعلومات في هذا الخصوص وهو القرآن، خاصة حكاية البراق، هذه خرافة تماماً ليس لها وجود، من هنا يجب أن ينتهي الجانب الأُسطوري في الإسراء والمعراج)!! وأنكر وجود الحجاب وفرضيته فقال: (حواء ما كانش عندها ملابس بالمرة.. تفهم خير من ربنا؟! ربنا خلقنا هكي (هكذا) من الأول، هذه هي الطبيعة، إحنا (نحن) لولا الشيطان ما عملنا حتى ورقة التوت، الشيطان هو الذي جعلنا نرتدي هذه الملابس، أما قبل فكانت الطبيعة هكذا، الحجاب نفسه من عمل الشيطان، لأن الحجاب تعبير عن ورقة التوت، وورقة التوت هي من عمل الشيطان، بدل أن نتحرر ونمشي إلى الأمام.. لا.. المرأة تحتجب وتقعد في البيت.. حرام.. الحجاب؛ حجاب معنوي)!!

وأنكر أن الإسلام يسمح بتعدد الزوجات فقال: (الزواج باثنتين أو بأربع غير موجود في القرآن)!! وسبَّ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة الخلفاء الراشدين فقال: (إن رسول الله بريء من الخلفاء الذين أتوا بعده، إذا كان عليّ خليفة رسول الله فلماذا قاتله نصف المسلمين وقتلوا أولاده من بعده؟ وعثمان لا يصلح للحكم؛ لأنه أرستقراطي، ومكّن أقاربه من حكم المسلمين ونشر الواسطة والمحسوبية في الدولة العربية الإسلامية في ذلك الوقت فقتلوه)!!

وغير ذلك الكثير، فكان حقاً على الله أن يقصم ظهره ولو بعد حين، ولقد مكن الله هؤلاء الثوار الأبطال في هذه الأيام فماذا هم فاعلون؟ وماذا هم مستفيدون من ذلك التوقيت من دروس فتح مكة؟

إن الدرس الأهم الذي يجب أن يضعوه نصب أعينهم هو موقف النبي صلى الله عليه وسلم حينما جمع أهل مكة فسألهم: (ماذا تظنون أني فاعل بكم)، فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فعفا عنهم وسامحهم وقال لهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).

فيجب أن يضع الثوار نصب أعينهم أن النظام الفاشي السابق – والثوار أعلم الناس به – كان نظاماً شرساً وهمجياً ومجنوناً ودموياً إلى أبعد حد، وأن لهم إخواناً مجندين كانوا في نظامه – ولا أقصد بهم المجرمين الخونة سفاكي الدم – كانوا أدوات في يده، والكل كان مهدداً في حياته وحياة أبنائه وذويه إن خالف ما يؤمر به، فيجب على الثوار أن يحاولوا غلق هذه الصفحة بسرعة لالتئام الشمل والالتفات لبناء دولتهم قوية عزيزة مؤمنة بالله سبحانه، ويجب عليهم ألا يتفرغوا لتصفية الحسابات وتصنيف الناس إلى أصناف – ليحاكموا الناس وفقها – حتى يعود الهدوء والأمن لبلد افتقدته منذ شهور، ولكي تعود كرامة الليبي التي نال منها (القذافي) ونظامه منذ أكثر من أربعة عقود.

هذا ما يحتاجه الليبيون هذه الليلة أن يشعروا أنهم ينعمون جميعاً بالتخلص من هذا النظام الفاسد، وأن يشعروا أنهم في أمن من الانتقام والثأر، وأن يبيتوا خير ليلة منذ أكثر من أربعين عاماً.

فهل يستجيب الثوار ويرسلون برسائل تطمئن أهلهم وإخوتهم في كل أرجاء ليبيا بأن عهد الظلم قد ولّى، ولن يعاقب أحد إلا بجريمة قد ارتكبها مختاراً؟ أسأل الله سبحانه أن يوفقهم للاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم ، ولا أجد ما أختم به مقالي إلا قول: (الحمد لله رب العالمين)، لأن الله عز وجل حمد بها نفسه بعدما أهلك الظالمين فقال سبحانه: ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين)(الأنعام-45).

المجتمع 27/8/2011م

 
 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *