RSS

ما وقعت والله في ضيق قط إلا فرجه الله عني

الشيخ علي الطنطاوي

 نظرت البارحة فإذا الغرفة دافئة والنار موقدة، وأنا على أريكة مريحة، أفكر في موضوع أكتب فيه، والمصباح إلى جانبي، والهاتف قريب مني، والأولاد يكتبون، وأمهم تعالج صوفا ًتحيكه، وقد أكلنا وشربنا، والراديو يهمس بصوت خافت، وكل شيء هادئ، وليس ما أشكومنه أو أطلب زيادة عليه فقلت الحمد لله.

أخرجتها من قرارة قلبي، ثم فكرت فرأيت أن الحمد ليس كلمة تقال باللسان ولو رددها اللسان ألف مرة، ولكن الحمد على النعم أن تفيض منها على المحتاج إليها.

حمد الغني أن يعطي الفقراء، وحمد القوي أن يساعد الضعفاء وحمد الصحيح أن يعاون المرضى، وحمد الحاكم أن يعدل في المحكومين.. فهل أكون حامدا لله على هذه النعم إذا كنت أنا وأولادي في شبع ودفء وجاري وأولاده في الجوع والبرد ؟ وإذا كان جاري لم يسألني أفلا يجب علي أنا أن أسأل عنه؟

وسألتني زوجتي فيمَ تفكر ؟ فأخبرتها، قالت صحيح، ولكن لا يكفي العباد إلا من خلقهم، ولو أردت أن تكفي جيرانك من الفقراء لأفقرت نفسك قبل أن تغنيهم… قلت لو كنت غنيا لما استطعت أن أغنيهم، فكيف وأنا رجل مستور، يرزقني الله رزق الطير تغدو خماصا وتروح بطاناً..!!

لا، لا أريد أن أغني الفقراء، بل أريد أن أقول إن المسائل نسبية…أنا بالنسبة إلى أرباب الآلاف المؤلفة فقير، ولكني بالنسبة إلى العامل الذي يعيل عشرة وما له إلا أجرته غني من الأغنياء، وهذا العامل غني بالنسبة إلى الأرملة المفردة التي لا مورد لها ولا مال في يدها، وصاحب الآلاف فقير بالنسبة لصاحب الملايين ؛ فليس في الدنيا فقير ولا غني فقرا مطلقا وغنىً مطلقا.

 تقولون : إن الطنطاوي يتفلسف اليوم، لا ؛ ما أتفلسف، ولكن أحب أن أقول لكم إن كل واحد منكم وواحدة يستطيع أن يجد من هو أفقر منه فيعطيه، إذا لم يكن عندك – يا سيدتي – إلا خمسة أرغفة وصحن مجدّرة تستطيعين أن تعطي رغيفا لمن ليس له شيء، والذي بقي
عنده بعد عشائه ثلاثة صحون من الفاصوليا والرز وشيء من الفاكهة والحلو يستطيع أن يعطي منها قليلا لصاحبة الأرغفة والمجدّرة ، ومهما كان المرء فقيرا فإنه يستطيع أن يعطي شيئا لمن هو أفقر منه.

ولا تظنوا أن ما تعطونه يذهب بالمجان، لا والله، إنكم تقبضون الثمن أضعافا تقبضونه في الدنيا قبل الآخرة، ولقد جربت ذلك بنفسي أنا أعمل وأكسب وأنفق على أهلي منذ أكثر من ثلاثين سنة، وليس لي من أبواب الخير والعبادة إلا أني أبذل في سبيل الله إن كان في يدي مال، ولم أدخر في عمري شيئا وكانت زوجتي تقول لي دائما : يا رجل، وفر واتخذ لبناتك دارا على الأقل فأقول: خليها على الله، أتدرون ماذا كان؟ لقد حسب الله لي ما أنفقته في سبيله وادخره لي في بنك الحسنات الذي يعطي أرباحا سنوية… قدرها سبعون ألفا في المئة، نعم (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ) وهناك زيادات تبلغ ضعف الربح (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ).
أرسل الله صديقا لي سيدا كريما من أعيان دمشق فأقرضني ثمن الدار، وأرسل أصدقاء آخرين من المتفضلين فبنوا الدار حتى كمُلت وأنا – والله – لا أعرف من أمرها إلا ما يعرفه المارة عليها من الطريق، ثم أعان الله برزق حلال لم أكن محتسبا فوفيت ديونها جميعا ،ومن شاء ذكرت له التفاصيل وسميت له الأسماء. وما وقعت والله في ضيق قط إلا فرجه الله عني، ولا احتجت لشيء إلا جاءني، وكلما زاد عندي شيء وأحببت أن أحفظه وضعته في هذا البنك.

فهل في الدنيا عاقل يعامل بنك المخلوق الذي يعطي 5% ربحاً حراماً وربما أفلس أو احترق ويترك بنك الخالق الذي يعطي في كل مئة ربح قدره سبعون ألفا ؟ وهو مؤمن عليه عند رب العالمين فلا يفلس ولا يحترق ولا يأكل أموال الناس.

فلا تحسبوا أن الذي تعطونه يذهب هدرا ، إن الله يخلفه في الدنيا قبل الآخرة.

وأسوق لكم مثلا واحدا : قصة المرأة التي كان ولدها مسافرا، وكانت قد قعدت يوما تأكل وليس أمامها إلا لقمة إدام وقطعة خبز، فجاء سائل فمنعت عن فمها وأعطته وباتت جائعة… فلما جاء الولد من سفره جعل يحدثها بما رأى قال : ومن أعجب ما مر بي أنه لحقني أسد في الطريق، وكنت وحدي فهربت منه، فوثب علي وما شعرت إلا وقد صرت في فمه، وإذا برجل عليه ثياب بيض يظهر أمامي فيخلصني منه ويقول: لقمة بلقمة، ولم أفهم مراده. فسألته أمه عن وقت هذا الحادث وإذا هو في اليوم الذي تصدقت فيه على الفقير نزعت اللقمة من فمها لتتصدق بها فنزع الله ولدها من فم الأسد.

والصدقة تدفع البلاء ويشفي الله بها المريض، ويمنع الله بها الأذى وهذه أشياء مجربة، وقد وردت فيها الآثار، والذي يؤمن بأن لهذا الكون إلها واحدا ً هو يتصرف فيه وبيده العطاء والمنع وهو الذي يبتلي وهو الذي يشفي، يعلم أن هذا صحيح، والنساء أقرب إلى الإيمان وإلى العطف، وأنا أخاطب السيدات وأقول لكل واحدة ما الذي تستطيع أن تستغني عنه من ثيابها القديمة أو ثياب أولادها، ومما ترميه ولا تحتاج إليه من فرش بيتها، ومما يفيض عنها من الطعام والشراب، فتفتش عن أسرة فقيرة يكون هذا لها فرحة الشهر. ولا تعطي عطاء الكبر والترفع، فإن الابتسامة في وجه الفقير (مع القرش تعطيه له) خير من جنيه تدفعه له وأنت شامخ الأنف متكبر مترفع.

ولقد رأيت ابنتي الصغيرة بنان – من سنين – تحمل صحنين لتعطيهما الحارس في رمضان فقلت لها : تعالي يا بنيتي، هاتي صينية وملعقة وشوكة وكأس ماء نظيف وقدميها إليه هكذا… إنكِ لم تخسري شيئا ، الطعام هو الطعام، ولكن إذا قدمت له الصحن والرغيف كسرت نفسه وأشعرته أنه كالسائل (الشحاذ)، أما إذا قدمتيه في الصينية مع الكأس والملعقة والشوكة والمملحة ينجبر خاطره ويحسّ كأنه ضيف عزيز.

2010/10/14م

 
 

حقائق جمع القرآن الكريم

د. محمد عمارة

 

في كتاب السيوطي (849 ـ 911هـ الموافق 1425 ـ 1505م) “الإتقان في علوم القرآن” جمع للروايات المترادفة والمتواترة عن المراحل التي مر بها التدوين والجمع للقرآن الكريم..

وفي هذه الروايات نقرأ: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزل عليه السورة ذات العدد، فكان إذا أنزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب (من كتاب الوحي البالغ عددهم ثمانية وعشرين كاتبا) ـ فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.”

ونقرأ ـ كذلك ـ أن الرقاع التي دُوّن فيها القرآن قد جُمعت بإشارة من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.. وبعبارة الحاكم النيسابوري (321 ـ 405هـ الموافق 933 ـ 1014م) ـ في (المستدرك) ـ : فلقد تم “تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها وجمعا فيها بإشارة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ “.

ونقرأ ـ عن الجمع الذي تم في عهد أبي بكر الصديق ـ أنه كان جمعًا لما كان مكتوبًا في أدوات الكتابة المختلفة ـ ومنها جريد النخل ـ في الصحف، لتكوّن “المصحف”.. وبعبارة “الحارث المحاسبي” (165 ـ 243هـ الموافق 781 ـ 857م) ـ في كتابه (فهم السنن) ـ : “فإن كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقًا في الرقاع والأكتاف والعُسُف ـ (جريد النخل) ـ .. فأمر الصديق ـ رضي الله عنه ـ بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعًا.. أي جُمع في الصحف، وكان ذلك بمنزله أوراق وجدت في بيت النبوة فيها القرآن منتشرًا، فجمعها جامع، وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء”.

أما ما صُنع على عهد عثمان بن عفان، فكان جمع الأمة على قراءة القرآن وفق اللهجة القرشية التي نزل بها، وذلك بعد توحد القبائل في أمة وشيوع لهجة قريش فيها، وزوال الضرورة التي رخصت قراءة بعض الحروف وفق اللهجات القبلية المتعددة.. أي أن عثمان جمع الأمة على حرف واحد.. ولم يكن الجامع للقرآن الكريم..

وبعبارة الحارث المحاسبي: “إن المشهور عند الناس أن جامع القرآن هو عثمان، وليس كذلك، إنما حَمَل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد.. فأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن..

لقد أمر عثمان زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بنسخ القرآن في المصاحف.. قائلا لهم: اكتبوه بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم..

وبعبارة ابن حجر العسقلاني (773 هـ – 852 هـ الموافق 1373 ـ 1449م): إن ذلك كان سنة 25هـ.. اقتصر التدوين ـ في المصاحف التي وزعت على الأنصار ـ على لغة قريش ـ التي نزل بها ـ بدل قراءته بلغة غيرهم، لأن الحاجة إلى ذلك قد انتهت، فاقتصر على لغة واحدة.

وبعبارة القاضي أبو بكر ـ في (الانتصار) ـ : فإن عثمان لم يقصد ما قصده أبو بكر في جمع القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمع الناس على القراءة الثابتة المعروفة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلغاء ما ليس كذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير ، ولا تأويل أُثبت مع التنزيل”.

تلك هي حقائق جمع القرآن الكريم.. كما جاء في مصادر علوم القرآن.. لقد جُمع ـ أولاً ـ جمعًا إلهيًّا، بين يدي النبي ـ عندما راجعه معه جبريل ـ ودون نصه مرتبًا في أدوات التدوين المتاحة.. ثم جُمع في الصحف ـ خاصة ـ بشاهدي الحفظ والتدوين بين يدي النبي، على عهد أبي بكر الصديق، فكونت صحائفه “المصحف الشريف”.. ثم جمع عثمان الأمة على حرف واحد هو لهجة قريش التي نزل بها، بعد توحد القبائل في أمة، وتوحد لهجتها.. ومن ثم زالت الحاجة إلى المدونات باللهجات المختلفة، والتي وضع فيها أصحابها الكلمات المفسرة.. وذلك حتى لا يختلط “التأويل” بالتنزيل..

المصريون 4/10/2010م

 
 

أغرب محاكمة

بدأت المحاكمة ؟

أعظم وأعجب محاكمة سمعت بها أذن التاريخ!!!

نادى الغلام: ياقتيبة (هكذا بلا لقب)

فجاء قتيبة وجلس هو وكبير الكهنة أمام القاضي جُميْع

ثم قال القاضي: ما دعواك يا سمرقندي ؟

قال: إجتاحنا قتيبة بجيشه ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا..

إلتفت القاضي إلى قتيبة وقال: وما تقول في هذا يا قتيبة ؟

قال قتيبة: الحرب خدعة وهذا بلد عظيم وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية…

قال القاضي: يا قتيبة هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟

قال قتيبة: لا إنما باغتناهم لما ذكرت لك…

قال القاضي: أراك قد أقررت، وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة، يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل.

ثم قال: قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء وأن تترك الدكاكين والدور، وأنْ لا يبق في سمرقند أحد، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك !!

لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه، فلا شهود ولا أدلة ولم تدم المحاكمة إلا دقائق معدودة، ولم يشعروا إلا والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم، وبعد ساعات قليلة سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو وأصوات ترتفع وغبار يعم الجنبات، ورايات تلوح خلال الغبار، فسألوا فقيل لهم إنَّ الحكم قد نُفِذَ وأنَّ الجيش قد انسحب، في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به..

وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم، ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر، حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله..

فيا لله ما أعظمها من قصة، وما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق، أريتم جيشاً يفتح مدينة ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج ؟

والله لا نعلم شبه لهذا الموقف لأمة من الأمم.

بقي أن تعرف أن هذه الحادثة كانت في عهد الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز، حيث أرسل أهل سمرقند رسولهم إليه بعد دخول الجيش الإسلامي لأراضيهم دون إنذار أو دعوة فكتب مع رسولهم للقاضي أن احكم بينهم فكانت هذه القصة التي تعتبر من الأساطير.

هي قصة من كتاب (قصص من التاريخ) للشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله..

وأصلها التاريخي في الصفحة 411 من (فتوح البلدان) للبلاذري.

طارق الطوخي 17/10/2010م

 
 

إذا احبك الله جعل لك القبول في الأرض

* كان أبو بكر رضي الله عنه إذا صلى الفجر خرج إلى الصحراء..  فاحتبس فيها شيئًا يسيرًا..  ثم عاد إلى المدينة..

فعجب عمر رضي الله عنه من خروجه.. فتبعه يومًا خفيةً بعدما صلى الفجر..  فإذا أبو بكر يخرج من المدينة ويأتي خيمة قديمه في الصحراء..  فاختبأ له عمر خلف صخره.. فلبث أبو بكر في الخيمة شيئا يسيرا.ثم خرج.. فخرج عمر من وراء صخرته ودخل الخيمة..  فإذا فيها امرأة ضعيفة عميــاء..  وعندها صبيه صغار.. فسألها عمر: من هذا الذي يأتيكم.. 

فقالت: لا اعرفه.. هذا رجل من المسلمين..  يأتينا كل صباح منذ كذا وكذا.. 

قال: فماذا يفعل ؟

قالت: يكنس بيتنا.. ويعجن عجيننا..  ويحلب داجننا..  ثم يخرج..

فخرج عمر وهو يقول: لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر..  لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر..

* وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل. فيتصدق بها..  ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب.. 

فلما مات وجدوا في ظهره آثار سواد..  فقالوا: هذا ظهر حمّال..  وما علمناه اشتغل حمالاً..  فانقطع الطعام عن مائة بيت في المدينة..  من بيوت الأرامل والأيتام..  كان يأتيهم طعامهم بالليل..  لا يدرون من يحضره إليهم..  فعلموا انه هو الذي كان يحمل الطعام إلى بيوتهم بالليل وينفق عليهم..

* وصام احد السلف عشرين سنة..  يصوم يومًا ويفطر يومًا..  وأهله لا يدرون عنه..  كان له دكان يخرج إليه إذا طلعت الشمس ويأخذ معه فطوره وغداءه..  فإذا كان يوم صومه تصدق بالطعام..  وإذا كان يوم فطره أكله..

نعم..  كانوا يستشعرون العبودية لله في جميع أحوالهم.. 

هم المتقون..  والله يقول:

(إن للمتقين مفازا .حدائق وأعنابا. وكواعب أترابا. وكأسا دهاقا. لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا. جزاء من ربك عطاءً حسابا).

(إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا)

إي يجعل لهم محبةً في قلوب الخلق.. إذا احبك الله جعل لك القبول في الأرض.. 

* قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : (إن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل.. فقال: إني قد أحببت فلانًا فأحبه.. فيحبه جبريل.. ثم ينادي في أهل السماء: أن الله يحب فلانًا فأحبوه..  فيحبه أهل السماء.. قال: ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض.. فذلك قول الله تعالى:

(إن الذين امنو وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا)

وإذا ابغض الله عبدًا.. نادى جبريل: إني أبغضت فلانا فأبغضه.. فيبغضه جبريل.. ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه.. فيبغضه أهل السماء.. ثم تنزل له البغضاء في الأرض.. .

آآآآه..  ما أجمل أن تعيش على الأرض..  تأكل..  وتنام..  والله ينادي باسمك في السماء (إني أحب فلانا فأحبوه).

* والعبادة الخفية أنواع..  منها:

الحفاظ على صلاة الليل.. ولو ركعة واحده وترًا كل ليله..  تصليها بعد العشاء مباشره..  أو قبل أن تنام.. أو قبل الفجر..  لتكتب عند الله من قوام الليل.. 

قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (إن الله وتر يحب الوتر.. فأوتروا يـــا أهل القرآن) ومنها:

الإكثار من ذكر الله..  فأن من أحب شيئًا أكثر من ذكره..

وفي الحديث قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (ألا أنبئكم بخير أعمالكم..  وأزكاها عند مليككم..  وارفعها في درجاتكم..  وخير لكم من إعطاء الذهب والفضة..  وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم..؟

قالوا:بلى.. وما ذاك يا رسول الله ؟ قال: (ذكر الله عز وجل).

د. عبد المنعم حريشة
27/9/2010م

 
1 Comment

Posted by on October 20, 2010 in مقالات تستحق القراءة

 

أوضاع الأقليات المسلمة

أجرى موقع هدى الإسلام مع المهندس مصطفى محمد الطحان الأمين العام لاتحاد المنظمات الطلابية المقابلة التالية:

 

1- كيف تنظر إلى واقع العالم الإسلامي

أنظر إلى واقع العالم الإسلامي نظرة متفائلة.. وإذا كانت الأوضاع الحالية التي تسود معظم مناطق المسلمين وبلدانهم تدعو للأسف والتشاؤم.. إلا أن الصحوة الإسلامية تتعاظم في معظم هـذه البلدان.

وإذا نظرنا إلى أوروبا التي تولت كبر الحرب على الإسلام.. من احتلال مصر من قبل نابليون.. وتوجهه بعد مصر إلى فلسطين.. ومن هناك وجه رسالة إلى اليهود في العالم قال فيها: إن الإرادة الإلهية بعثت به إلى هذا المكان لإقامة دولة لليهود في فلسطين.

والحرب العالمية الأولى عام 1914م.. كانت ومعها مؤتمر كامبل الذي عقد في إنكلترا عام 1905م، وسايكس بيكو عام 1916م، ووعد بلفور عام 1917م.. لم تكن سوى تنفيذا لمقررات المؤتمر الصهيوني الأول والثاني اللذين عقدا في بازل في سويسرا في عام 1897م و1898م..

ومن أجل وصول اليهود إلى أهدافهم.. قامت الثورة البلشفية في روسيا، والثورة الفرنسية، اللتين لعب فيهما اليهود دورا اساسياً.. تحولت بعدها أوروبا من دول تطالب اليهود بالتنصر أو مغادرة أوروبا.. إلى دول تعادي العالم الإسلامي وتعمل على احتلاله وتقسيمه.. ومن ثم إحداث طبقة علمانية مجردة من كل معاني العروبة والإسلام تتحكم برقاب المسلمين.. في معظم أقطار المسلمين. ومازالت هذه الطبقة تتحكم برقاب المسلمين في دولهم.. أحياناً يطلق على هؤلاء القادة أبطال اليسار.. وأحيانا أبطال القومية.. وأحيانا ملك الملوك.. ومهما تعددت الأسماء والصفات، فهم في الأخير عملاء من صنع المدرسة الغربية. هذه المدرسة وهؤلاء الحكام هم المسؤولون عن كل العجز وعن كل التخلف وعن كل السجون التي ألقي فيها أشرف الناس وأكرمهم.. الذين كتب في سجلاتهم.. عندما تنتهي مدة السجن يحولون إلى المعتقل..

أمام هذه الصورة الشائهة.. فهناك صورة أخرى..

صورة الحركات الإسلامية الواعية التي تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة..

هذه الحركات التي تحملت من العنف والإرهاق ما لا يطاق، ومع ذلك صبروا وصابروا.. وبالتالي فقد انحازت إليهم الجماهير.

ليس هذا المشهد في مصر فقط.. وإنما في كل ديار المسلمين بدون استثناء.. ولا أستطيع أن أضرب الأمثال.. فيطول الموضوع.. ولكني أكتفي بمثالين:

أوضاع الحركة الإسلامية في مصر.. وفي تركيا.. وفي القوقاز.. وفي كل البلدان الإسلامية.. التي ظن أعداء الإسلام.. أن الإسلام قد انتهى فيها.. وإذا به يعود حياً كما بدأ، فالإسلام لا يموت.. وله رب يحميه.

 

2- أوضاع الأقليات المسلمة

لا شك أن أوضاع الأقليات المسلمة صعب في الوقت الحاضر.. ولكنه يتقدم في كل يوم.. وإذا قرأنا بعض الكتب التي كتبها الأوروبيون والأمريكان عن الإسلاموفوبيا.. لأدركنا أن هؤلاء البرابرة بدأوا يخشون الإسلام.. ولقد كتب غراهام فولر كتابا مهما عن المسلمين في الغرب.. فقال: ليست المشكلة في الإسلام.. بل المشكلة في أعداد المسلمين التي تتزايد في كل مكان.. وصدق نبينا العظيم عندما قال: سيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار.

 

3- العداء بين الأنظمة والحركات

الأنظمة القائمة في معظم بلدان العالم الإسلامي.. صنعها الغرب على عينه.. ولهذا فهي تعادي الإسلام.. وينطقون كما ينطق أسيادهم.

سأل التلفزيون التركي عصمت أنينو وكان رئيس الجانب التركي في مفاوضات لوزان، عن انطباعاته عن مؤتمر لوزان فقال: كروزون (رئيس الدبلوماسية البريطانية) قال لي: لقد خرجنا من الحرب العالمية الأولى متعبين، وقضيتنا معكم هو الإسلام.. فإذا تنازلتم عنه.. أعطينا تركيا استقلالها وانسحبنا من بلادكم..

وبالفعل فقد تنازلوا عن الإسلام وعقد مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة مؤتمرا صحفيا.. قال فيه: نحن لا نحتاج إلى الله فليرحل عن بلادنا. وبهذه الهوية استلموا الحكم.. وجاء بعض المغفلين العرب ليقول: يا خالد الترك جدد خالد العرب..

أما أن الحركة الإسلامية تمتلك مشروعاً.. فاي المشاريع الأخرى الرأسمالية أم الشيوعية أم الناصرية أم البعثية أم العلمانية الليبرالية نجحت..

وإذا كان الإسلام (صبغة الله) لا يملك مشروعاً.. فمن غيره يملك؟

منذ أكثر من 60 سنة تعاني الحركة الإسلامية في مصر الاضطهاد والإرهاب والقتل.. فهل كان بإمكان أفرادها أن يصبروا ويحتسبوا وينشطوا ويتوسعوا لو كان مشروعهم مزيفاً؟

 

4- هل مازال المشروع القائم في تركيا صالحا لتقديمه للآخرين كصورة للإسلام المعتدل الذي تروج له أمريكا والغرب؟

 قد تتغير بعض الظروف، وقد تستجد بعض المواقف.. إلا أن حقيقة الموضوع مازالت كما كانت. من يريد أن يطلع على المزيد عن هذا الموضوع فليقرأ ما كتبه الأمريكان عندما تسأءلوا لماذا أسقطنا اربكان؟

وفي تحليلهم وإجاباتهم على هذا السؤال.. تتضح القضية لمن يريد.

 

5- قضية فلسطين..

هي أم القضايا.. واليهود هم القوة المهيمنة في الوقت الحاضر.. وحكامنا خاضعين لهذه الهيمنة.

أرسل الإمام حسن البنا برقية إلى الجامعة العربية وكان تعقد اجتماعها في عالية في لبنان عام 1947م.. اجتمع العرب يومها لبحث قضية فلسطين.. فقال النقراشي أنا رئيس وزراء مصر ولست رئيس فلسطين.. يومها بعث الإمام الشهيد حسن البنا برقية إلى المؤتمر جاء فيها: نحن الذين سنرسل 10 آلاف مجاهد ليحرروا فلسطين.. وبعد أن سجل هؤلاء الشباب المجاهد أروع صور البطولة.. جاءت أوامر الملك فاروق بإخراج المجاهدين من فلسطين،  ووضعوهم في صحراء سيناء تحيط بهم الأسلاك الشائكة.. هذه القضية تلخص قضية الحكام مع فلسطين.. وتلخص طريقة تحريرها.

وأرجو أن لا يظن أحد أن حكام اليوم أفضل من فاروق!

 

6- أما سؤالك عن اتحاد المنظمات الطلابية، فقد نشأ قبل أكثر من عشرين سنة.. سبقه الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية (الإفسو) الذي تأسس عام 1969م.

ولاتحاد المنظمات الطلابية دور ثقافي يقدم الإسلام للطالب بشكل مبسط، بعيدا عن العنف، والدعوة لا تكون إلا بالتي هي أحسن.

الكلمة اليوم للإسلام في مجال الأحزاب.. ومجال الجماعات.. وفي مجال الطلاب.. وكما قال سيد قطب (رحمه الله) الذين يتهمونه بالإرهاب هذه الأيام: إن المستقبل للإسلام.

7- بعد أحداث سبتمبر.. توقفنا عن العمل بعض الوقت.. ثم تذاكرنا بالأمر.. وكتبنا كتاباً بعنوان وماذا بعد أحداث سبتمبر؟ (أبعثه لكم مع هذه الأسئلة) رأينا أن مهمتنا أصبحت أكثر ضرورة من قبل.. فعدنا إلى العمل بزخم أكبر.. عدنا وكان العود أحمد.

 

8- الصد الأكبر الذي نواجهه من دول العالم العربي.. فالغرب عنده تقاليد تمنعه من الصد المباشر.. وماله وذاك إذا كان عنده من يقوم عنه بهذه المهمة.

 

مصطفى محمد الطحان
22/2/2010م