RSS

رؤية أمريكيَّة للربيع العربي

د. محمد مورو

من حق الولايات المتحدة بالطبع أن تدرس الربيع العربي بمنظور أمنها الوطني، أو مصالحها الاستراتيجيَّة، ولكن من حقنا في نفس الوقت أن نحلم ونأمل في غدٍ أكثر إشراقًا، بل إن من الممكن جدًّا أن نرسم آمالًا عريضة لمستقبل العالم الإسلامي بناءً على هذا الربيع العربي، مع الأخذ في الاعتبار أننا نرى أن التحليلات الأمريكيَّة والغربيَّة وغير الإسلاميَّة عمومًا تتسم بالقصور الشديد، لأنها أولًا لا تدرك طبيعة مجتمعاتنا الإسلاميَّة، ولا التركيبة النفسيَّة لشعوبنا، ولا تدرك في نفس الوقت أن قدر الله سبحانه وتعالى يعمل رغم إرادة الجميع.

بدايةً نقول إن الثورات العربيَّة وخاصة الثورة المصريَّة هي الأكثر سلميَّة في التاريخ، والأكبر من حيث عدد المشاركين فيها “كان يتظاهر في اليوم الواحد في أنحاء مصر من 14 – 18 مليون إنسان، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الثورات”.

وقد كشفت هذه الثورات من وجهة نظرنا ومن خلال متابعتنا للأحداث، أن هناك مددًا واضحًا من الله تعالى، ومن ثَمَّ فإن الاعتماد على قدر الله واجب شرعي من حيث المبدأ، وهو أمر علمي وموضوعي بالنظر إلى ما رأيناه بأم أعيننا.

ومن هنا فإننا نتصوَّر أننا أمام مقدمات واضحة لعالميَّة إسلاميَّة ثانية، وخلافة على نهج النبوة ووحدة عربيَّة وإسلاميَّة، وإنقاذ العالم من ويلات الرأسماليَّة، وإنهاء التسلط الأمريكي الإسرائيلي على العالم، وزوال دولة إسرائيل إن شاء الله تعالى.

من ناحية أخرى فإنه من الضروري لتحقيق ذلك إدراك كيف يفكر الأمريكيون في الأمر، وإذا أخذنا التقرير الذي نشرته صحيفة النيوزويك الأمريكيَّة عن رؤية الولايات المتحدة للربيع العربي، والذي قالت فيه أن المخابرات الأمريكيَّة خسرت بسقوط الأنظمة القمعيَّة (حليفها المؤتمن لمكافحة الإرهاب) وأن طرقها القديمة لن تنفع مستقبلًا، قالت المجلة: لما يقرب من 30 عامًا اعتمدت المخابرات الأمريكيَّة على الرئيس السابق حسني مبارك كحليف رئيسي، وكان اللواء عمر سليمان المدير العام السابق للمخابرات المصريَّة هو الشخصيَّة المحوريَّة في هذه العلاقة، وأن مصر قدمت تسهيلات خطيرة للمخابرات الأمريكيَّة منها تعذيب أعضاء المنظمات الجهاديَّة واستنطاقهم داخل السجون المصريَّة لحساب أمريكا، وفي مقابل ذلك كانت أمريكا تغضّ الطرف عن ممارسات النظام المصري ضد شعبه.

وتنقل مجلة النيوزويك عن كريستوفر بوسيلك الباحث في معهد كارينجي للسلام قوله: “إن الأمريكيين أنفقوا سنواتٍ طويلة في بناء علاقات وثيقة مع شخصيات رئيسيَّة في الجيش وأجهزة المخابرات في عددٍ من دول الشرق الأوسط الذين كانوا يقدِّمون لها ما تحتاجه من معلومات، ولكن الآن فإن حلفاءها المصريين واليمنيين والتونسيين والليبيين والسوريين هم إما ذهبوا، أو في طريقهم إلى الرحيل”.

وتضيف المجلة: إن جولة سريعة في أفق الحرب ضدّ الإرهاب تكشف عن مدى عدم جاهزيَّة وكالة المخابرات المركزية الأمريكيَّة، وكذلك وزارة الدفاع الأمريكيَّة، وغيرها من الكيانات الحكوميَّة الأمريكيَّة للتعامل مع المنطقة في مرحلة ما بعد الثورة، وكيف أنه سيكون من الصعب بالنسبة للولايات المتحدة إعادة تأهيل التقنيات القديمة لمكافحة الإرهاب، وأن ذلك سيمنح القاعدة فرصة ذهبيَّة للازدهار، والمشكلة في التحليلات الأمريكيَّة أنها لا تنظر إلى عناصر المقاومة في العالم العربي والإسلامي إلا من منظور الإرهاب والقاعدة، ولكن الشعوب لها طريق آخر، هو طريق المظاهرات المليونيَّة السلميَّة، التي يمكنها أن تحرِّر فلسطين سلميًّا عن طريق مئات الملايين المسالمين على حدود فلسطين التاريخيَّة وكذلك توحيد العالم العربي والإسلامي، بل وإعادة الخلافة عن طريق إلغاء الحدود بالمظاهرات المليونيَّة سلميًّا وتغيير الحكومات وفرض الوحدة فرضًا بعيدًا عن الإرهاب والقاعدة وكل الأساليب القديمة والتقليديَّة، لقد عرفت الشعوب الطريق السلمي لتحقيق مطالبها، وهو أمر له ما بعده بالطبع.

الإسلام اليوم 22/6/2011م

 

صحيفة روسية: أمريكا تشن حربًا قذرة على الإسلام

ذكرت صحيفة “برافدا” الروسية، أن الولايات المتحدة تشن حربا قذرة ضد السود واللاتينيين والناشطين السياسيين والمسلمين، وتستهدفهم في عقيدتهم ومختلف أعراقهم، كما تستغلهم ككباش فداء في الحرب على “الإرهاب”.

وقالت الصحيفة إن وسائل الإعلام الأمريكية تغض الطرف بشكل ظالم عن إلحاقها الضرر بملايين من المقهورين، وإنها تقذفهم وتختلق وتلفق لهم اتهامات صارخة دائما ما يكون الضرر فيها واقعا على المسلمين، وأن غالبية هؤلاء من الرجال، وأحيانا النساء، يتم اتهامهم على نحو زائف بالإرهاب أو التآمر، وهم في الحقيقة ليسو مذنبين سوى لكونهم قد وقع عليهم اختيار العم سام أو لوجودهم في الولايات المتحدة في التوقيت الخطأ.

وتساءلت الصحيفة لماذا المسلمون؟.. في الوقت الذى يعلم فيه الإسلام الحب لا الكراهية، السلام لا العنف، الإحسان لا الطمع، التسامح لا الإرهاب.

وقالت: لماذا الإسلام، وهو يدعو إلى نفس القيم التي دعت إليها المسيحية واليهودية، وقالت من الذى يعرف الإجابة عن هذا السؤال في مناخ اليوم المشحون بالكراهية والخوف في الوقت الذي تشن فيه الولايات المتحدة حروبا عالمية على الإسلام حتى داخل أراضيها.

ومضت الصحيفة تقول إن أحمد عبد القدير وارسمي هو آخر أهداف الولايات المتحدة، حيث تم أسره بشكل غير قانوني، وتم استجوابه، وفيما يبدو تعذيبه في البحر لمدة شهرين تقريبا بدعوى ارتباطات غير منطقية بجماعات “إرهابية”.

وأشارت إلى أنه فى اعقاب هجمات الحادى عشر من سبتمبر تكرر نفس السيناريو بقسوة ضد المئات من الضحايا الابرياء الذين اعلنتهم وسائل الاعلام الامريكيية مذنبين بشن حملات الاتهام وقد قذف الاعلام الامريكى اليهم بتهم ملفقة ومختلقة غير منتهجة الأساليب الشريفة التي يتبعها الصحفيون المحترمون.

وتابعت الصحيفة قائلة إنه فى الخامس من يوليو قالت وازرة الدفاع الامريكية فى بيان بعنوان ” زعيم حركة الشباب المتهم بتزويد الحركة وتنظيم القاعدة فى شبه جزيرة العرب بمواد ” ان عبد القدير ثبت تورطه فيما هو منسوب اليه من اتهامات بتزويد الشباب والقاعدة بمواد بجانب التامر وتعليم كيفية صناعة المتفجرات وامتلاكه اسلحة ومتفجرات بجانب اتهامات أخرى.

وقالت الصحيفة إنه لا يوجد دليل عندما توجه الاتهامات إلى هؤلاء المعتقلين بالضلوع فى الارهاب أو التآمر بل والأكثر من ذلك ان وزارة الخارجية الامريكية اعلنت حركة الشباب الصومالية “منظمة ارهابية واجنبية ” فى عام 2008 وهو ما سبق وان فعلته مع جماعات اخرى لتستخدمهم كأكباش فداء من اجل مكاسب سياسية.

ومضت الصحيفة تقول إن اعضاء حركة الشباب الصومالية هم فى الحقيقة مقاتلون من اجل الحرية وليسوا إرهابيين وأن القاعدة هى من الاساس من خلق وصنع وكالة الاستخبارات الامريكية (سى.آي.إيه) فى الثمانينيات.

ولفتت إلى انه لا حق لأي دولة في اتهام مواطنين او سكان دول اخرى بجرائم ارتكبت داخل هذه الدول بل ان هذه الدول فقط هى من يملك توجيه مثل هذه الاتهامات لكن هذا الامر لا يمنع الجيش الامريكى او عملاء المخابرات الامريكية من العمل بشكل غير قانونى فى كل مكان عن طريق انظمة عميلة او مضغوط عليها او راغبة طوعا فى السماح بحدوث هذا الامر.

وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر2001، ارتكبت جرائم حرب شنيعة وجرائم ضد الانسانية فى العديد من الدول ومن بينها الصومال وشنت حروبا استبدادية ضد الاسلام وقتلت الملايين فى عملية ابادة منظمة بكل المعايير.

واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة إن المحكمة الجنائية الدولية التى تأسست بموجب قانون روما فى يوليو 2002 فوضت بمقاضاة الاشخاص المتورطين فى العدوان والابادات وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ولكن للاسف تستخدم المحكمة كاداة تخدم الاستعمار وتستهدف الضحايا الصغار وليس المجرمين عتيدى الاجرام كالامريكيين .

مفكرة الإسلام 14/7/2011م

 

!حزب الله.. وحزب البعث

د. حلمي محمد القاعود

كنت أعلِّق أملاً كبيراً على الشيخ «حسن نصر الله» كي يمنع صديقه فخامة الرئيس «بشار الأسد» من قتل الشعب السوري الأسير، ويدفعه للتسليم بحقوقه المشروعة من الحرية والعدل واختيار حكومته ونظامه الذي يريد، من خلال تفاهم متحضر بين الشعب والرئيس، دونما لجوء لاستخدام القناصة والرصاص الحي والدبابات والمدرعات والطائرات المروحية في قصف المتظاهرين من الرجال والنساء الذين يصرخون بحناجرهم، ويرفعون اللافتات بلا مدية ولا بندقية طلباً للكرامة والشرف.

وكنت أتمنى من قناة «المنار» بدلاً من الاصطفاف إلى جانب الطغاة الجلادين في «دمشق العُمرية» – نسبة إلى «عمر بن عبدالعزيز» خامس الخلفاء الراشدين ]- أن تصطف إلى جانب الحقيقة، وتدخل كاميراتها إلى «درعا» و«اللاذقية» و«حمص» و«ريف دمشق» و«حماة» و«حلب» و«الرستن» و«دوما» و«جسر الشغور» و«معرة النعمان» و«أدلب» و«دير الزور»، وتنقل إلى الناس ما يدّعي الطغاة الجلادون أنه الحقيقة التي لا تنقلها القنوات الفضائية العربية والعالمية.

وللأسف، فإن تلفزيون «المنار» الذي كنا نراه – بصورة ما – يقول الحقيقة حتى لو كانت ضد الحزب نفسه، صار نسخة مكرورة من تلفزيون دمشق الرسمي وصنيعته الدنيا! ولم يبقَ إلا أن ينقل صورة الفريق الركن «بشار» وهو يلعب الشطرنج مع بطل العالم في اللعبة، مثلما نقل تلفزيون العقيد الليبي «معمر القذافي» صورته وهو يتنافس على هزيمة بطل الشطرنج العالمي داخل محبسه في «باب العزيزية»!

مقاييس المصلحة

لو حسبها «حزب الله» جيداً، كما فعل رئيس الوزراء التركي «رجب طيب أردوغان»، وفقاً لمقاييس المصلحة قبل مقاييس الدين والإنسانية، لقال لصديقه «بشار»: كُفَّ عن قتل الشعب السوري لأن ذلك يهيئ فرصة ذهبية للتدخل الاستعماري الأجنبي تحت مظلة الأمم المتحدة، وفي ذلك الحين فإن الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة سيتمكن من تأمين حدود «الجولان» المحتل دون حاجة إلى «البعث» القائد.. وبذا يطمئن مهجة قلبه في فلسطين المحتلة من ناحية، ومن ناحية أخرى سيحاصر «حزب الله» من جميع الجهات ويمنع عنه السلاح والدعم اللوجستي، وحينئذٍ يستطيع أن يعطي الإشارة الخضراء لمهجة القلب في فلسطين المحتلة لتشتعل النار، وتتقدم قوات الغزو الصهيوني إلى جنوب لبنان حتى الضاحية الجنوبية، والباقي معروف!

لو أقنع «حسن نصر الله» صديقه الرئيس الشاب بوقف المذابح والتفاهم الحقيقي من أجل حقن الدماء وبناء وطن حر، لا يكون نصفه منفياً، ونصفه الآخر في طريقه إلى اللجوء للحدود السورية التركية، لضمنت المقاومة اللبنانية فرصة العمل الجيد، ولضمن الفريق «بشار» النجاة بجلده من العقاب الأمريكي الذي ينتظره، وقدّم خدمة جليلة للأمة المُهانة التي ينكل بها الغرب الاستعماري كلما لاحت له فرصة، والعراق بالقرب من «بشار»، ورجاله خير مثال!

أكاذيب

ما يفعله «حزب البعث» من خلال عائلتَيْ «الأسد» و«مخلوف» يمثل جريمة خلقية وإنسانية بكل المقاييس، وقد آن الأوان لوضع حد لقتل الشعب السوري، ونهب ثرواته، وتدمير ممتلكاته.. إن الأكاذيب التي يروجها ويدّعيها الإعلام السوري الكذاب، ومن يشاطرونه إذاعتها في قناة «المنار»، لن تثني العالم عن معرفة الحقيقة، وخاصة في ظل تقدّم أجهزة التليفون المحمول، وشبكة الإنترنت، وغير ذلك من وسائل وأساليب تُبدعها عبقرية الشعب الأسير، وأيضاً فإن الأكاذيب السورية لن تحمي نظام «البعث» الدموي الفاشي من العقاب والسقوط.. والعبرة لمن اعتبر! 

المجتمع 9/7/2011م

 

أمير الجماعة الإسلامية بباكستان في حوار شامل

الشيخ سيد منور حسن، الأمير الرابع للجماعة الإسلامية في باكستان، كان أمينًا عامًّا للجماعة لمدة 15 عامًا، وقبلها رئيسًا للجماعة في مدينة “كاراتشي”، ورئيسًا للجمعية الإسلامية للطلبة أثناء فترة الدراسة.

الشيخ سيد منور حسن

حصل الشيخ منور حسن على درجة الماجستير في العلوم الاجتماعية، وكان عضوًا في البرلمان الباكستاني في انتخابات 1971م التي حصل فيها على أعلى نسبة أصوات في باكستان.

(إخوان أون لاين) التقى أمير الجماعة الإسلامية بباكستان على هامش زيارته لفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين؛ لتهنئته والشعب المصري بالثورة، وأجرى معه الحوار التالي:

 

* بداية كيف تابعتم ثورة 25 يناير في مصر؟

** مثلما كان الشعب المصري صفًّا واحدًا في ميدان التحرير، كان الشعب الباكستاني صفًّا واحدًا في دعم هذه الثورة المباركة، ونحن أتينا لزيارة فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين لتهنئته وتهنئة الشعب المصري كله بالثورة، ليس نيابةً عن الجماعة الإسلامية فقط، ولكن نيابة عن الشعب الباكستاني كله.

وعندنا نكتة متداولة في باكستان بعد الثورة المصرية، يقول فيها الشعب الباكستاني إن “أصف زرداري كان يتحدث في الهاتف مع أحد رجال الحكومة عن الثورة المصرية، فرد عليه قائلاً: لا تقلق على باكستان فليس عندنا ميدان التحرير”.

* لو تحدثنا عن الوضع الباكستاني ما هو وضع العمل الإسلامي هناك؟

** الحمد لله الجماعة الإسلامية وغيرها من الجماعات والأحزاب والشخصيات التي تعمل في مجال العمل الإسلامي، لكن مفهوم الإسلام الشامل وأنه نظام حياة يشمل جميع مناحي الحياة تتميز به الجماعة الإسلامية، وتقوم بنشر الفهم الصحيح لتعاليم الدين وتطبقها في جميع الدوائر والمجالات.

الجماعة استطاعت أن تقوم بتأسيس المنظمات والجمعيات النشطة في المجالات المختلفة مثل الفلاحين والعمال والمحامين والمهندسين والأطباء والطلبة، وغيرها من المجالات كمنظمات مستقلة تقوم بالعمل الإسلامي.

* هل منظمات مستقلة تعني أنها غير تابعة للجماعة الإسلامية؟

** لا، ليس المقصود ذلك، ولكنها مستقلة في دوائرها، كل قسم يدير شئونه بنفسه، فهناك مثلاً الجمعية الإسلامية للطلبة، وجمعية الأطباء، والمهندسين، مثل الأقسام هنا في مصر، وقسم النساء في الجماعة الإسلامية مثلاً الذي يعمل للدعوة الإسلامية، ولنشر الفهم الصحيح والشامل لتعاليم الدين، فهذه المجالات والمساعي المختلفة تستهدف أن يجعل الإسلام يوجه البشر في كل المجالات بدءًا من الحياة الشخصية حتى نظام الحكم.

قوة الجماعة الإسلامية

* ما هي قوة الجماعة في باكستان؟ وماذا عن دور الجماعة الإسلامية بالتحديد؟

** القوة الأساسية للجماعة الإسلامية هي عقيدتها وإيمانها بالله، فالجماعة تدعم وتنوب عن جميع الشعوب المضطهدة والمسحوقة سواء كانت في فلسطين، أو كشمير، وسواء كانت الجهود والمساعي متعلقة بالناحية الدعوية، أو عمليات المقاومة، أو حلِّ مشكلات الناس والوقوف معهم في الأزمات والتحديات سواء في الداخل أو الخارج، مثل المساعدة في تجاوز نكبة الفيضانات المدمرة التي شهدتها باكستان في العام الماضي، أو الزلزال الذي أصاب مناطق في باكستان قبل سنوات.

أو كان هذا الدور متعلقًا بإيجاد مجتمع خالٍ من الفساد، فأنظار الشعب الباكستاني تتجه نحو الجماعة الإسلامية من خلال جهودها طوال الـ60 عامًا الماضية.

وكلما وجدت الجماعة فرصتها أو استطاعت أن تدخل البرلمان أو الحكومة أو تحملت مسئوليات رسمية، أو شبه رسمية أكدت للناس أنها أمينة وأنها خدمت البشرية، فلم يتهم أيًّا من أعضائها بفساد أو اختلاس أموال.

* ما هي القوة العددية للجماعة الإسلامية في باكستان؟

** للجماعة أكثر من 6 ملايين عضو مؤيد وأكثر من 25 ألف عضو عامل، والحمد لله يقف مع الجماعة ملايين من البشر في القضايا الوطنية، وعلى سبيل المثال تقوم الجماعة بحملات شعبية تحت عنوان “ارحلي أمريكا” فمعظم المدن الباكستانية تشهد المسيرات المليونية التي تنظمها الجماعة الإسلامية مطالبة برحيل الأمريكان.

قوة التمثيل

* بالرغم من العدد الكبير إلا أن الجماعة ليست ممثلة في البرلمان، أو الحكومة.. لماذا؟

** من حيث النتائج الانتخابية فهناك نظام انتخابي متآكل، يساعد على التزوير، فنسبة التصويت التي تعبر بالفعل عن إرادة الشعب قليلة جدًّا، وحسب التصريحات الرسمية هناك عشرات الملايين من الأصوات مزورة، والحكومة اعترفت بذلك، والآن تعلن المؤسسة الانتخابية أنها سوف تعدل القوائم الانتخابية، لكن إلى الآن ليست هناك خطوات جادة في هذا المجال.

هذا إلى جانب أن هناك انقسامات ونعرات عرقية وقبلية وإقليمية تلعب دورًا كبيرًا في الانتخابات، وتمارس أيضًا جميع وسائل الترهيب وشراء الذمم التي تؤثر على العملية الانتخابية.

* ولكن المسيطرين على البرلمان هم العلمانيون.

** هذا لا يعني أن الشارع الباكستاني يدعم العلمانيين؛ لأن النتائج الانتخابية لا تعبر عن الرأي الحقيقي للشارع الباكستاني، كلما كانت هناك انتخابات حقيقية تكون النتائج مختلفة.

* لماذا قاطعتم انتخابات 2008م؟

** لأن “برويز مشرف” أمر بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية حتى يضمن النتائج في البرلمان، وكل الأحزاب أعلنت المقاطعة بما فيها حزب “نواز شريف” لكنه رجع في اللحظة الأخيرة؛ ما أدى إلى تمكين “برويز مشرف” من إكمال العملية الانتخابية.

لكن الآن نحن على أبواب الانتخابات القادمة ولقد تأكد للشارع الباكستاني صحة موقف الجماعة الإسلامية، وأن ” برويز مشرف” عندما أجرى انتخابات تحت إشرافه أتى ببرلمان يستمر في السياسات التي تخدم المصالح الأمريكية فليس هناك أي فرق بين سياسات برويز مشرف وسياسات الحكومة الراهنة.

والآن نأمل أن يقول الشارع كلمته في الانتخابات المقبلة؛ لأن جميع استطلاعات الرأي التي أجريت في باكستان أكدت أن أكثر من 90% من الشعب الباكستاني يرفض خدمة المصالح الأمريكية، ويرفض الوجود الأمريكي في المنطقة.

أمريكا وباكستان

* إلى أي مدى تتدخل أمريكا في الشأن الباكستاني؟

** أمريكا تتحكم في جميع السياسات الباكستانية وفرضت سياساتها وإدارتها على جميع السياسات للحكومة السابقة والحالية، التي مكنت الولايات المتحدة من تشكيل شبكاتها الاستخباراتية الواسعة في باكستان.

هذا إلى جانب أن الولايات المتحدة تشن غاراتها على المناطق القبلية في باكستان وهي الآن تخطط لتوسيع دائرة عملياتها في مناطق أخرى، وهناك أكثر من 35 ألف قتيل نتيجة للعنف الأمريكي والغارات المتكررة باستخدام طائرات بدون طيار، فالتغلغل الأمريكي قد انتشر في جميع مرافق البلاد، وهذا هو السبب الرئيسي لمعظم المشاكل والأزمات في باكستان، لذلك نحن نقوم كما أشرت بحملة قومية تحت شعار ارحلي أمريكا حتى نخرج باكستان إلى بر الأمان.

وهناك ضغوط سياسية وعسكرية، فكبار المسئولين السياسيين والعسكريين الأمريكيين يطلبون المزيد من التنازلات، ويشعرون الحكومة أن وجودها رهن لتلبية مطالبهم وللأسف الحكومات تستجيب.

* وما هي أسباب هذا التغلغل الأمريكي في باكستان؟

** الحكام لديهم معتقد أن أمريكا تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وهذه الوجوه عندما ترغب في السلطة ترى أن ليس لها طريق إلا الانصياع للأوامر الأمريكية، ولنرجع إلى الوراء قليلاً عندما قام “برويز مشرف” بانقلاب عسكري ضد حكومة “نواز شريف” في بداية الأمر أظهرت أمريكا استياءها من هذا الانقلاب، ولكن بعد أحداث 11 سبتمبر وبعد إعلان أمريكا حربها على يسمى الإرهاب، وجد “برويز مشرف” أن استجابته للأوامر الأمريكية يحفظ له حكمة وسلطته فاستجاب لجميع الأوامر الأمريكية أكثر مما كانت أمريكا تتوقعه.

القصف الأمريكي

* وما دور الجماعة في المناطق القبلية التي تقع في مرمى القصف الأمريكي؟

** مما يميز الله به هذه الجماعة أنها جماعة وطنية لها وجود في جميع أنحاء البلاد وفي هذه المناطق وجود قوى للجماعة، وأعضاء برلمان يقفون مع الشعب في وقت الأزمات والشدة، وعلى سبيل المثال أثناء العملية العسكرية في منطقة “وزير ستان” الشمالية قامت الجماعة بمساعدة المنكوبين، وتوفير الطعام والمأوى لهم وأقامت مخيمات الإيواء، إلى جانب مطالبتنا المستمرة والشديدة للحكومة بعدم ارتكاب حماقة شن حملات عسكرية في منطقة “وزير ستان” الشمالية، لأنهم يريدون توسيع دائرة العمليات، وهناك ضغط أمريكي كبير على باكستان لشن عمليات عسكرية أخرى في مناطق مختلفة، لكن لو دخل الجيش الباكستاني- لا سمح الله- في عملية عسكرية في منطقة “وزير ستان” فسوف تكون الكارثة للجيش ولسكان المنطقة، وحتى نستشهد بأحداث التاريخ بريطانيا كانت تحتل أفغانستان وباكستان والمنطقة كلها “شبه القارة الهندية”، وسيطرت بقوتها العسكرية على جميع المناطق لكنها إلى نهاية احتلالها لم تستطع إحكام قبضتها على “وزير ستان” الشمالية لوعورة التضاريس ولطبيعة سكان المنطقة التي ترفض أي احتلال.

كشمير

* ماذا عن الوضع في كشمير؟

** كشمير واقعة تحت الاحتلال الهندوسي منذ عام 1947، بالرغم من أن 90% من سكانها مسلمين وحسب اتفاقية التقسيم والاستقلال لباكستان والهند، جميع المناطق ذات الأغلبية المسلمة كان يجب أن تكون في باكستان، ولكن الهند احتلت ولاية كشمير بقوتها العسكرية، لكن الشعب الكشميري المسلم رفض الاحتلال الهندوسى ومنذ ذلك الوقت والشعب يقاوم ضد الاحتلال وتحاول الهند كسر إرادة الشعب باستخدام العنف فهناك 700 ألف جندي مدججين بكل أنواع السلاح يمارسون الظلم والاضطهاد ضد الشعب الكشميري الأعزل.

وشهدت “كشمير” حركتين للاستقلال هما “الصحوة” و”الانتفاضة” التي خرجتا بالملايين إلى الشارع ليعلن رفضه الاحتلال، لكن المؤسف أن العالم والإعلام العالمي لا يلتفت إلى هذه المنطقة المسلمة، وهناك تعتيم إعلامي كامل فالهند لا تسمح للوسائل الإعلامية خاصة المسلمة بدخول ولاية “كشمير”، وبرغم كل ذلك الشعب الكشميري بزعامة السيد “علي جيلاني” يواصل مقاومته وانتفاضته إلى أن يحصل على حق تقرير المصير وفقًا لقرارات الأمم المتحدة.

* كيف تقيم دور الأمم المتحدة في قضية كشمير؟

** هناك ازدواجية في المعايير فالأمم المتحدة لا تعطي أي اعتبار لقراراتها الخاصة بكشمير، وبحق تقرير المصير، في حين أنها أصرت على فصل جنوب السودان، وعلى استفتاء تيمور الشرقية وفصلها، وتصر على تجاهل، بل إلغاء قرارها تجاه كشمير لأن صاحب الحق في كشمير هم مسلمون.

* وما هو دور الجماعة الإسلامية في كشمير؟

** هناك جماعة إسلامية مستقلة في كشمير تقود الشعب والشارع الكشميري وهناك عمل تعليمي وتربوي وسياسي وجهادي لأن هناك احتلالاً والجماعة الإسلامية في كل هذه الأنشطة تقف إلى جانب الشعب الكشميري وتعبر عن رأيه.

النووي الباكستاني

* وأين الترسانة النووية الباكستانية من تحرير كشمير؟

** ضمن أسباب استمرار الهند في تعذيب واضطهاد الشعب الكشميري أن الحكومات في باكستان لم تعط القضية الكشميرية اهتمامها المطلوب، وهناك ضغوط أمريكية كبيرة على كل الحكومات المتعاقبة في باكستان لتجاهل القضية الكشميرية والتطبيع مع الاحتلال الهندوسي، وهناك سياسة أمريكية تحت شعار “تقوية خطوات إعادة الثقة بين باكستان والهند”، وهذا يعني أن ترمي باكستان بالقضية الكشميرية والأشقاء الكشميريين المسلمين في غياهب التجاهل، ونوطد صلاتنا مع الهند في المجالات الاقتصادية والثقافية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أوجه التشابه الكبير بين القضية الفلسطينية والكشميرية، لكن قبل أن نتطرق لهذا الجانب لا بد أن نؤكد أن القضية الفلسطينية هي القضية الأم للأمة الإسلامية وهي قضية “إيمان وعقيدة”، فالقضيتان بدأتا في فترة واحدة عامي (1948-1947) وهما منتطقتان اسلاميتان تقطنهما أغلبية مسلمة، وتمارس فيها قوات الاحتلال نفس أساليب القمع والاضطهاد.

وعلى الجانب الآخر هناك تعاون وثيق بين الاحتلال الهندوسي والصهيوني من حيث تبادل الخبرة والسلاح وتقوية بعضهما البعض.

ومن ضمن هذا التشابه عملية التطبيع مع العدو في كلٍّ من فلسطين المحتلة وكشمير المحتلة، لكن أثبت الشعبان المضطهدان أنهما لم ولن يتنازلا عن حقهما في تقرير مصيريهما.

أمريكا والهند

* ولماذا تساند أمريكا الهند بهذه الصورة؟

** حسب خارطة الطريق الأمريكية للشرق الأوسط الكبير تسعى أمريكا لجعل الهند قوة عظمى في المنطقة أولاً لتواجه بها صعود الصين، وثانيًا أن تحقق من خلالها مصالحها، فتحاول أمريكا أن تجعل جميع دول المنطقة خاضعة للهيمنة الهندية فهناك تدخل هندي كبير في جميع دول المنطقة مثل “بنجلاديش، سريلانكا، بوتان، نيبال، مالديف” والهند تعتبر هذه الدول تحت سيطرتها ومن أمثلة التدخل الهندي في “بنجلاديش”، أن الحكومة في “بنجلاديش” تقوم بخطوات للقضاء على الهوية الإسلامية، بدأت من تعديل الدستور وإلغاء البنود التي تنص على الهوية الإسلامية لدولة، انتهاءً إلى معاقبة الإسلاميين، وكل من يعرف التاريخ لا ينسى العلاقات المتينة والوثيقة بين “مجيب الرحمن” الرئيس الراحل لـ”بنجلاديش” الذي تعاون مع الهند لفصل باكستان الشرقية عن باكستان وحولها إلى “بنجلاديش”، والآن تحكم ابنته “حسينة”، لو سألت أي رجل في الشارع “البنجالي” سيقول لك تلقائيًّا إن الهند هي تسير السياسات في “بنجلاديش”، فضلاً عن أن قيادات العمل الإسلامي هناك سواء من الجماعة الإسلامية، أو غيرها أغلبهم في السجون.

* لا شك أنه كانت هناك آثار مباشرة على باكستان بعد اغتيال الشيخ أسامة بن لادن على أراضيها؟

** من أهم آثار هذه القضية أن الولايات المتحدة أكدت أنها تستطيع أن تقوى بأي عملية عسكرية في أي منطقة شاءت وفي أي وقت دون أن يتحرك من باكستان أي ساكن، كما أن في هذا تهديد مباشر للبرنامج النووي الباكستاني، لأنه هدف لكيان الصهيوني والولايات المتحدة، وبعد هذه العملية أصبحت باكستان تحت تهديد أكيد لأي عدوان من الثالوث الهندوسي الأمريكي الصهيوني.

* كيف نجحت القوات الأمريكية في تنفيذ عملية اغتيال بن لادن دون علم الحكومة الباكستانية؟

** هناك شبكات استخباراتية أمريكية منتشرة في باكستان واعترف بوجودها مسئولون أمريكيون وهددت أمريكا من قبل أنها قد لا تحتاج إلى باكستان وتنفذ عملياتها مباشرة، وهي تنفذ ذلك، فضلاً عن وجود شبكات كبيرة للقوات الأمنية الخاصة مثل “بلاك وترز” وغيرها من الشبكات، وحسب تصريح رسمي لرئيس بلدية “إسلام أباد” هناك “284” منزلاً استأجرته هذه القوى في العاصمة فقط، وهناك العديد من التفجيرات الدموية المشبوهة لا أحد يعرف أن يفسر كيفية تنفيذها ومن المسئول عنها.

* ما هي آثار الفشل الأمريكي في أفغانستان على الوضع بباكستان؟

** الفشل الأمريكي في أفغانستان بعد حرب دامت لأكثر من 10 سنوات، والقوات الأمريكية ما زالت في وضعية “محلك سر” أدى إلى زيادة الضغوط الأمريكية على باكستان لأنها تحمل باكستان مسئولية فشلها، وكل ما تعاني أمريكا وقوات الناتو من العمليات في أفغانستان يلقون باللوم على باكستان.

والمؤسف أن حكومة “برويز مشرف” سارت وفق السياسات التي وضعها “بوش” حينما قال “معنا، أو ضدنا”، فضلاً عن أن الحكومة الحالية لـ”أصف ذرداري” تسير على نفس الخط ولم تغير سياستها قيد أنملة، والشعب الباكستاني تحمل كل الخسائر من تدمير الاقتصاد وموجة العنف والدمار والفوضى، ومن خطورة التهديدات المستمرة للبرنامج النووي ولغيرها من المصالح الوطنية الباكستانية، لذلك نحن في الجماعة الإسلامية نقود الآن حملة شعبية كبيرة تحت شعار “ارحلي أمريكا”.

إخوان أون لاين 3/7/2011م

 

أحمد عز الدين يكتب: حجازي.. و(شهادة البشري) بحق الإخوان

أحمد عز الدين

كنت أتوقع أن يتوقف الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي عن نشر سلسلة مقالاته الأخيرة عن “شهادة المستشار طارق البشري” بحق الإخوان المسلمين بعد أن يدرك الخطأ الفادح الذي وقع فيه، أو ينبهه إليه أحد أصدقائه أو قرائه.. لكنه استمرَّ في نشر أربعة مقالات حتى الأسبوع الماضي.

ولعل الأستاذ حجازي يُدرك الآن خطأه، ويعتذر للمستشار البشري وللقُرَّاء.

اعتمد حجازي على ما ذكره المستشار طارق البشري عن الإخوان المسلمين، في الطبعة الأولى من كتابه “الحركة السياسية في مصر من سنة 1945إلى سنة 1952″، الذي تعرض لمواقف أبرز القوى السياسية في تلك الفترة، وخص الإخوان بفصلين في الكتاب، وقد صدرت الطبعة الأولى في خريف عام 1972، وكان البشري قد أنهى مسودتها في أغسطس 1969، وعاود النظر فيه ثم “رفعت عنه القلم نهائيًّا، وأعددته للطبع في يناير عام 1970” كما يقول.

المستشار طارق البشري

ولكن ما فات حجازي- أو فوته- أن البشري أصدر طبعة ثانية من الكتاب ضمنها مقدمة كتبها في 5 أكتوبر 1981 تحت عنوان “تعقيب ومراجعة”، جاءت في 65 صفحة، تضمنت مراجعة جوهرية لموقفه من الإخوان المسلمين، واعترافًا بالخطأ لا يملك مثله إلا من يحترم نفسه وقارئه، قائلاً: لست ممن يخفون موقفًا فكريًّا أتحفظ عليه الآن، ولست ممن يجدون الحرج في الإفصاح الجهير عن العدول عن موقف أو رأي سابق، ظننته صوابًا في وقت، ثم تبينتُ الصواب في غيره، ولست ممن يحسنون إخفاء أمر كهذا.

كانت المراجعة واجبة من وجهين:

الوجه الأول خاص بالكتاب ومادته العلمية، وقد كان الكتاب- كما يقول البشري- من بواكير ما صدر عن الفترة المدروسة، ثم أخرجت السنوات العشر الأخيرة مادةً جديدةً سواء في الكتب التي صدرت أو في المذكرات الشخصية التي نشرها بعض مَن شاركوا في أحداث تلك الفترة، أو المقالات التي شرحت أو دافعت عن وجهات وأحداث للاتجاهات السياسية المختلفة، بعد أن أذن لها في السبعينيات بالعودة للمسرح السياسي، ونشطت في وصل الماضي بالحاضر.

فعملية التأريخ “لها وجه من وجوه الحوار بين الماضي والحاضر، أي الحوار بين الفترة المدروسة وبين الفترة التي يجري فيها الدرس.. هو حوار يرسم حدوده حجم المادة التاريخية المكتشفة في وقت الدراسة، ونوعية هذه المادة ومصادرها حسب المتاح في هذا الوقت”.

والوجه الثاني متعلق بالكاتب فهو، “في حدود قدرته على المتابعة، يمكن أن تتغير بعض وجهات نظره في فهم الأحداث وتقويم التيارات والاتجاهات”.

وبهذا، فإن العملية التأريخية واقع يحتمل التغير من طرفين: من حيث المادة التاريخية، وهي صلب العمل التأريخي، ومن حيث فهم المادة التاريخية وتصنيفها وتقويمها وتركيبها، وهي مهمة الكاتب.

نقد البشري كتابه بنفسه إزاء ثلاثة جوانب:

* الحركة الشيوعية، حيث اهتم بالإشارة إلى الوجود الأجنبي اليهودي على رأس كثير من التنظيمات الماركسية في الأربعينيات، والذي يبدو له أنه لم يكن بعيدًا عن التحرك الصهيوني في المنطقة العربية آنذاك، وقد فصل ذلك في كتابه “المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية”.

* أنه لم يفرد في الكتاب قسمًا مستقلاً للحزب الوطني الجديد كما صنع مع غيره.

* أما الأمر الثالث، فكان خاصًّا بآرائه عن الإخوان المسلمين، وقد استغرق هذا الأمر مساحة ضافية في المقدمة.

يقول البشري عن الإخوان: كنت خارجيًّا عنهم، ولم يتح لي فكري سبيل الولوج من بابهم لأدخل دارهم واتطلع إلى شواغلهم. استخدمت مع غيرهم الموازين والمكاييل والتحاليل، وقستهم هم بالمتر، أو الشبر والفتر.

ويقول: “إن النظر الخارجي للإخوان هو ما أعاقني عن التنقيب عن الدلالة الوطنية لشعبيتهم، وقد لزمتني سنوات بعد إخراج هذا الكتاب لكي أعيد مع نفسي النظر في هذه النقطة، وأن أراجع الخريطة السياسية التاريخية كلها، في ضوء ما أسفرت عنه إعادة النظر تلك”.

أقر البشري بأنه” يلزم تقويم الوقائع في ضوء معيار جديد يدخل أهداف الحركة (الإخوان) ووظائفها التاريخية في نسيجه وتقاس به مواقف الحركة ومواقف غيرها”.. المشكلة كما رآها البشري لاحقًا فيمن ينظر للإخوان: “من ينظر إلى حركة الإخوان من خارج إطارها الفكري والعقدي والحضاري يصير أجنبيًّا عنها لا يستطيع أن يستصحب منطقها”.. “الخلاف الحقيقي يغوص في الأصول الفكرية التي تحدد مجال الرؤية ومسارها وتتفرع عنها التفاريع وهو يقوم بين المنهج الإسلامي كما يراه الإخوان، وبين المنهج العلماني الذي وفد، وانطبع به فكر الكثيرين من أبناء المؤسسات الحديثة في بلدنا”.

إن نظر العلماني الوطني إلى حركة الإخوان يكون- كما يرى البشري- على أساس من غربته الفكرية عنها، فضلاً عن خلاف عميق بين الطرفين وتصور كل منهما لنموذج النهضة التي يريد بناءها في البلاد وللمواد الحضارية التي تستعمل في هذا البناء.

“العلماني الوطني يرى أن ابتعاد الدنيا عن الدين هو كبعد الأرض عن السماء، ولا يدرك أن نظرته تلك نبت وافد وحديث، لم تنمُ في البيئة الفكرية الحضارية قبل مطلع القرن العشرين”.

رد البشري على مَن سألوا: متى توجه الإخوان إلى السياسة؟ بأنهم لم يتركوا السياسة أصلاً.

وردًّا على القول بغموض الإخوان ونقص برامجهم بأنه يعكس الغفلة عن الصراع العقائدي والحضاري بين الوافد والموروث؛ فالإخوان دعوة للاستقلال العقائدي والحضاري، حتى وإن لم يطرحوا برنامجًا محددًا عن البناء السياسي أو الدستوري.

وقال: إن الدعوة للخلافة كانت في مواجهة الهجوم الغربي الشامل على بلادنا، وفي مواجهة التقسيمات السياسية التي فرضها الاستعمار، وأنها كانت شعار توحيد ومواجهة مع الاستعمار.

وإن الدعوة إلى تطبيق الشريعة دعوة ترنو إلى الاعتراف العام الشامل بتطبيق حكم الإسلام، باعتبار الشريعة الأصل المرتبط بتاريخنا وعقائدنا وحضارتنا، وتفاعل مع ما عايشنا على مدى تلك القرون، واستوعب في فقهه أعرافنا.

ويعترف البشري بأنه “اعتمد ما اتفقت عليه الفصائل الوطنية والديمقراطية إزاء الإخوان.. باعتبارهم تيارًا شاردًا بعيدًا عن السياق العام للحركة الوطنية”، وأنه اعتمد موقف الوفد من الإخوان وشهادة أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة، واعتمد بعض مراجع الشيوعيين ضد الإخوان، ولم يكن قد فطن- كما يقول- إلى أهمية الهيمنة اليهودية الأجنبية على التنظيمات الشيوعية في الخصام بين الإخوان والشيوعيين، وتوجيه حركة الصراع الشيوعي ضد الإخوان ومصر الفتاة خاصة، واعتبار العداء للإخوان وقتها كما لو كان هدفًا مقصودًا في ذاته. ولم يفهم البشري الدلالة النسبية لوقوف الإخوان هنا أحيانًا وهناك أحيانًا، مثلما تبين ذلك بالنسبة لمصر الفتاة والحزب الوطني.

لقد راجع البشري كل مواقفه من الإخوان، فعدل الكثير، وتمسك ببعض القديم مثل موقف الإخوان من صدقي، ودعا الإخوان لأن يعيدوا دراسة تاريخهم بروح النقد واستيعاب الدروس من تجاربهم السلبية، وهذا واجبه تجاه الإخوان، وحق الإخوان والحركة السياسية المصرية عليه.

يقول البشري: عساني أستطيع أن أخاطب هذا القسم من الوطنيين الذين تزودوا من فكر الغرب، وهم كثر، ليعيدوا النظر في المسار التاريخي لبلدهم وفي التحديات التي يواجهونها، وليتعرفوا على إخوان لهم في الوطن، فيمدوا لهم الأيدي ويقفوا منهم مدافعين متحاورين، وألا يقفوا قط في صفوف الضاربين أو الغافلين.

وقد قال الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي في إحدى مقالاته: “إنه راضٍ بشهادة البشري التي قدمها عن الإخوان”، فهل يا ترى يرضى بها بعد أن تبينت له الشهادة على وجهها الصحيح؟. 

إخوان أون لاين 28/6/2011م